المستقل – د. محمد عبدالستار جرادات
الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. ننعى وبحزن ذوي شهداء حادث منطقة اللويبدة، الذين غادرونا نتيجة إهمال وجشع، إلى رحمة الله سائلين المولى أن يتغمدهم بواسع رحمته ومغفرته وينعم عليهم بعفوه ورضوانه.
أكد جلالة الملك عبدالله الثاني ضرورة تقديم كل أشكال المساعدة للأسر المتضررة بحادث انهيار مبنى بمنطقة اللويبدة وتوفير الرعاية الصحية اللازمة للمصابين. وأوعز دولة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، لوزيري التنمية الاجتماعية والداخلية، للتنسيق لتلبية احتياجات الأسر المتضررة، من انهيار مبنى في منطقة اللويبدة الثلاثاء، واتفقوا على أن يتولى محافظ العاصمة إدارة الملف بالتعاون مع كوادر وزارة التنمية الاجتماعية، لتلبية جميع احتياجات الأسر المتضررة من انهيار المبنى، من مأوى، ومواد عينية، لتخفيف الضرر والعبء عنهم. وفجر السبت، أعلنت مديرية الأمن العام انتهاء عمليات البحث تحت الركام بعد إخلاء الشهيدة الأخيرة، عليها رحمة الله.
حادثة مفجعة عايشها الأردنيون دامت لأربعة أيام متتالية، ليس بسبب وزير منح حقيبة وزارية في ذات فترة الحادث المؤسف، بل بإهمال وجشع الشخص المعني ببناء طوابق بعيدة عن الضمير الإنساني. لتوفير مبلغ طفيف من المال، خسرنا أهلنا وأطفالنا، إلى متى الإستهتار بأرواح بعضنا.. وإلى متى نلقي اللوم على الغير معني.
أصدر مدعي عام عمان أمرا بتوقيف ثلاثة أشخاص وهم أحد ورثة مالك البناء ومتعهد وفني الصيانة، على خلفية الحادثة. ومن المقرر أن يستمع المدعي العام لذوي المتوفين والمصابين، فيما تم تشكيل لجنة فنية لتحديد سبب الانهيار وتحديد المسؤولين عن ذلك بشكل دقيق. ويشير كتاب رقم 36000/10288 الذي صدر من نقيب المهندسين إلى أمين عمان بتاريخ 14/07/2021، إلى تشكيل لجنة في النقابة تسمى لجنة إدارة المخاطر والأزمات، وقد وضعت استراتيجية لمدة ثلاثة سنوات تهدف إلى تحديد البؤر الساخنة في حدود الأمانة والبلديات التي تحوي مبان قديمة ومتضررة وآيلة للسقوط، تجنبا لخطر سقوطها والأضرار المادية والبشرية التي تسببها. كما ن الأمانة ستتخذ الإجراءات اللازمة بالتعاون مع نقابة المهندسين ووزارة الاشغال العامة ومجلس البناء الوطني والمجلس الأعلى للبناء. أيضا، فإن وزارة الإدارة المحلية، أصدرت تعميما للبلديات حول الإجراءات الاحترازية للتعامل مع عمليات الإعمار، وطلبت الوزارة بحسب التعميم، من رؤساء المجالس البلدية والمدراء التنفيذيين في البلديات بمراعاة آلية الحفر لأي بناء من المنوي انشاؤه أو اجراء عمليات الصيانة أو التعديل عليه في حال كان مجاورا لبناء قديم.
لا نستطيع إلقاء اللوم دوما على حاملي الحقائب الوزارية، كانت هذه فاجعة على الأردنيين جميعا، وسينال المسؤولون عقوبتهم بموجب أحكام القانون، كما أن الأردن لا يسمح لأحد أن يستغل وجعه لبث الشر والسواد، فالدولة تعاملت بإحترافية ومؤسسية كما عهدناها دوما في مواجهة الأزمات والتحديات. لسنا بلد زمردي كما في مخيلة الأطفال، فالأخطاء تحدث، خصوصا الفردية منها، كسائر دول العالم، وبفضل الله لا زال علمنا عاليا وسيبقى بقيادة صاحب الحكمة الملكية، الهاشمي العربي الأمين، الذي قطع زيارته الرسمية مع سمو ولي العهد إلى فرنسا، متابعا قبل وصوله جميع المجريات، كما هاتف مدير الأمن العام متأكدا أن جميع الطاقات قد تم استنفارها للتعامل مع هذا الحدث.
شدد جلالة الملك أيضا على أهمية الإعلام كوسيلة لتوعية المواطنين حول كيفية التعامل مع المباني القديمة والإستعانة بالإشراف الهندسي فيما يخص الأبنية. كما أعرب جلالته عن تقديره للجهود المبذولة من مختلف الجهات ذات العلاقة، خصوصا فرق الدفاع المدني، الذين واصلوا مهامهم بكفاءة واحترافية، مع أن الخسائر كانت موجعة، أربعة عشر شهيدا وأصيب عشرة آخرون، كما أن للأمن العام والدفاع المدني حصة كبيرة من الخسائر، ناهيك عن العمل على مدار الساعة طيلة المدة.
أفتخر فيك يا وطني، رئيس الوزراء وأمين عمان والوزراء المعنيون في الميدان، والأجهزة الأمنية حكمت السيطرة وتعاملت مع الحادث بكل احترافية. نائب جلالة الملك في مركز الأزمات تابع عن كثب مع مندوبين من كل الأجهزة المعنية، الأطفال هرعوا لمكان الحادث يعرضون المساعدة، هذا هو الأردن.. هذا هو وطني.
حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.