المستقل – كشف مسؤولون عرب كبار في حديثٍ لمجلّة (تايمز أوف إسرائيل) العبرية، النقاب، عن أنّ السبب الجذريّ لأزمة الرهائن هو رفض رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، إنهاء الحرب وسحب جيش الاحتلال الإسرائيليّ من غزة، رافضين في الوقت عينه التأكيدات الإسرائيليّة والأمريكيّة بأنّ حماس هي العقبة الرئيسيّة.
وأوضحت المجلّة العبرية أنّ ثلاثة مسؤولين عرب من دولٍ وسيطةٍ أنّ “المفاوضات بين (إسرائيل) وحماس لوقف إطلاق النار في قطاع غزة في طريق مسدود، ويرجع ذلك أساسًا إلى رفض نتنياهو الموافقة على إنهاء الحرب وسحب القوات الإسرائيلية من القطاع مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، على حدّ تعبيرهم.
وأقر المسؤولون بأنّ حماس رفضت أيضًا المقترحات الأخيرة لوقفٍ مؤقتٍ لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح عدد من الرهائن، لكنهم قالوا إنّ تلك العروض محكوم عليها بالفشل لأنّ الحركة أوضحت منذ فترةٍ طويلةٍ أنّها لن تقبل أطر العمل التي تضمن لـ “إسرائيل” استئناف القتال في غزة بعد تنفيذ تلك المقترحات.
وردًا على سؤال حول سبب محاولة مصر وقطر تقديم مثل هذه المقترحات لوقف إطلاق النار المؤقت إذا كانتا تعلمان أنّ حماس لن تقبلها، قال أحد الدبلوماسيين العرب إنّ الفكرة دفعت بها إدارة بايدن، التي شجعت الوسطاء على اتبّاع كلّ السبل الممكنة للتوصل إلى انفراجة.
وبدا الوسطاء العرب على استعداد لقبول الخط الأحمر الذي حددته حماس ضد الاتفاقات التي تسمح باستئناف الحرب وبقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، في حين رفضوا الخط الأحمر الذي وضعه نتنياهو ضدّ الصفقات التي لا تتضمن هذين الشرطين.
وقال دبلوماسيٌّ عربيٌّ آخر إنّ “الولايات المتحدة تنظر إلى الأمور بنفس الطريقة. لقد قال الرئيس جو بايدن إنّ الوقت قد حان لإنهاء الحرب ويقول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنّ الولايات المتحدة لن تقبل بقاء القوات الإسرائيلية في غزة”.
وفي تفسيره لعدم رغبة نتنياهو في التراجع عن هذين المطلبين، قال مسؤولٌ إسرائيليٌّ مطلعٌ على مفاوضات الرهائن إنّ سحب القوات الإسرائيلية من غزة “سيضر بصورة النصر” التي يحاول رئيس الوزراء رسمها.
وعندما سُئل عمّا إذا كان إحجام نتنياهو عن إنهاء الحرب له دوافع سياسية، رفض المسؤول الإسرائيلي التعليق. وهذا ما يزعمه منتقدو رئيس الوزراء، مشيرين إلى تعهدات من شركائه في الائتلاف اليمينيّ المتطرف بإسقاط الحكومة إذا وافق على صفقة الرهائن التي تنهي الحرب.
وتكهن الدبلوماسي العربيّ الأول بأنّ استراتيجية نتنياهو في الأشهر الأخيرة كانت تتمثل في عرقلة المفاوضات من أجل تأمين شروط أفضل لوقف إطلاق النار عندما يتولى الرئيس الأمريكيّ المنتخب دونالد ترامب منصبه في غضون شهرين.
وقال الدبلوماسيّ من إحدى الدول الوسيطة “هذه الإستراتيجية خاطئة لأنّ حماس لن تتزحزح عن مطالبها الرئيسية لمجرد وجود ترامب في السلطة”.
ووافق المسؤول الإسرائيليّ على أنّ ترامب قد يكون أكثر استعدادًا من بايدن لقبول وجود قوة متبقية في غزة بعد الحرب، وهو ما قاله مسؤولون سابقون في فريق ترامب لـ (تايمز أوف إسرائيل) الشهر الماضي.
ومع ذلك، قال المسؤول الإسرائيليّ إنّ ذلك لا يعني أنّ حماس ستوافق على إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين بموجب هذه الشروط، بالنظر إلى أنّ الحركة تعتبرهم وسيلة ضغط لإقناع “إسرائيل” بالانسحاب الكامل من غزة.
ويُشار إلى أنّه من المرجح أنْ تسمح الموافقة على إنهاء الحرب والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية لحماس بالصمود حتى ولو بشكلٍ متعثرٍ، لكن المسؤولين العرب جادلوا بأنّ هذا الأمر لا مفر منه. “سيكون هناك دائمًا فلسطينيون عرضة للتجنيد من قبل حماس، لكن هذا الأمر يصبح أكثر احتمالاً كلّما طال أمد الحرب. والأمر الأقل يقينًا هو ما إذا كان الرهائن سيبقون على قيد الحياة أم لا”، حسبما قال الدبلوماسيّ العربيّ الأول.
وقال الدبلوماسيّ العربيّ الثاني: “في هذه الأثناء، نرى جيش الاحتلال الإسرائيليّ يقوم بإنشاء البنية التحتية للبقاء في غزة إلى أجلٍ غير مسمى”، في إشارة إلى قيام جيش الاحتلال بتوسيع محور نتساريم إلى منطقة عسكرية مغلقة بعرض 5 كيلومترات إلى جانب منشأة أبراج خليوي وخطوط مياه من “إسرائيل”.
والأهم من ذلك، كما قال الدبلوماسيّ العربيّ، هو أنّ نتنياهو رفض أيّ دورٍ للسلطة الفلسطينيّة في غزة، وشبّه السلطة بحماس. ولكن المجتمع الدولي ينظر إلى رام الله باعتبارها البديل الوحيد القابل للتطبيق لحماس، كما أنّها تُشكِّل أهميةً بالغةً لخلق أفقٍ سياسيٍّ للتوصل إلى حلّ الدولتين في نهاية المطاف، وهو الإطار الذي ترفضه “إسرائيل”.
وقال وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إنّ الكيان يجب أنْ يحتّل غزّة و”يُشجّع” نصف سكان القطاع الفلسطينيين البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على الهجرة خلال عامين.
وفي حديثه خلال مؤتمر نظمه مجلس (يشع)، وهي منظمة تمثل بلديات المستوطنات في الضفة الغربية، قال سموتريتش إنّه “من الممكن خلق وضع يتم فيه تقليص عدد سكان غزة إلى نصف حجمه الحالي في غضون عامين”، مُضيفًا أنّ “هذا الأمر لن يكلف الكثير من المال”، وأنّه “حتى لو كان مكلفًا، فلا ينبغي لنا أنْ نخاف من دفع ثمنه”.
وفي الختام وجب التأكيد أنّ نتنياهو وقّع على اتفاقٍ لوقف إطلاق النار مع لبنان، أيْ حزب الله، بسرعةٍ وبإصرارٍ، كما قال يوسي فارتر، الخبير السياسيّ في صحيفة (هآرتس) العبريّة، لكنّه في الوقت عينه يُواصِل حربه ضدّ غزّة دون أفقٍ وإنجازاتٍ، على حدّ تعبيره.
رأي اليوم