المستقل – ماجد الأمير

حرص رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة في اللقاء الذي اجراه تلفزيون الـ «بي بي سي» عربي خلال اجازة العيد وبث يوم الاحد الماضي بمتابعة كبيرة، على تقديم رؤية استراتيجية في التعامل مع التطورات في المنطقة التي تستعد لاستقبال الرئيس الاميركي جو بايدن

الخصاونة تحدث اولا عن التحديات التي واجهتها حكومته في القضايا الداخلية وخاصة الظروف التي تشكلت بها حكومته والتي جاءت في ظل جائحة كورونا والتي غيرت من وجه العالم، وهنا كانت الحكومة تبدأ عملها وسط هذه الجائحة وما رافقها من اغلاقات لقطاعات اقتصادية وخدماتية اضافة الى استراتيجيتها في الحفاظ على الوضع الصحي العام وتأمين المطاعيم للمواطنين ولكل انسان يعيش على الارض الاردنية، فكانت استراتيجية الحكومة الصحة اولا مع الحفاظ على الاقتصاد الوطني في نفس الوقت، واستطاعت حكومة الخصاونة ان تنجح في مواجهة كورونا كما نجحت في خطة التعافي الاقتصادي وفتح القطاعات التي اغلقت بسبب كورونا

الامر المهم الذي تحدث عنه الخصاونة في الشأن الداخلي هو الاصلاح السياسي الذي كان الخيار الاستراتيجي لجلالة الملك عبدالله الثاني من اجل النهوض بالاردن في المجال الديمقراطي من خلال تحديث منظومة التشريعات الناظمة للحياة السياسية وهنا تحدث الخصاونة عن ارادة جلالة الملك في السير نحو تحقيق الاصلاح السياسي للوصول الى اغلبية حزبية او ائتلافات حزبية تشكل حكومة اغلبية حزبية

حكومة الخصاونة هي التي قدمت لمجلس الامة التشريعات الناظمة للحياة السياسية التي اعدتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وخاصة قانوني الانتخاب والاحزاب والتعديلات الدستورية والتي اصبحت اليوم نافذة، بل انه تم اقرار قانون انتخاب توافقي خصص لاول مرة في تاريخ الاردن مقاعد نيابية للاحزاب السياسية، وهذا تعبير عن ارادة جلالة الملك في تعزيز الحياة الحزبية والبرلمانية وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار لنصل الى فكرة الحكومات الحزبية والانتخابات البرامجية

الجانب الآخر والمهم في الحوار التلفزيوني هو ما قدمه رئيس الوزراء من مواقف ورؤى في التعامل مع الملف الايراني وعلاقة الاردن مع ايران وتأثيرات السلوك الايراني في المنطقة على علاقتها مع الاردن

ولعل التصريح الابرز للخصاونة في العلاقة مع ايران هو ما ذكره بالنص الصوتي «ان الأردن لم يتعامل يوما واحدا مع إيران كمصدر لتهديد أمنه القومي»، ولكن الخصاونة حرص على ربط العلاقة مع ايران في كيفية تعاملها مع الدول العربية وتدخلاتها في بعض الدول العربية والتي يرى الاردن بأن هذه التدخلات تضر بالعلاقة مع ايران وخاصة ان تلك الدول التي امنها القومي هو جزء من الامن القومي للاردن وتحديدا دول الخليج العربي

الخصاونة قدم ايضا موقفا واضحا في العلاقة مع ايران بان الاردن منفتح على علاقة صحية معها ويتطلع إلى صيغة معينة في علاقات ثنائية تقوم على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخليَة للدول واحترام سيادتها ووحدتها الترابية وفق قاعدة الضوابط والأحكام التي قام عليها النظام الدولي المعاصر الذي اعقب إنشاء منظمة الأمم المتحدة

رئيس الوزراء اوضح حول ما طرح مؤخرا عن الناتو العربي بقوله (إن الملك لم يتحدث في مقابلاته الصحفية الأخيرة أو تصريحاته عن الناتو العربي، موضحا أن جلالته طرح عليه سؤال افتراضي حول إطار إقليمي وعربي مرتبط بتشكيل صيغة عسكرية أو صيغة دفاعية إقليمية وفي إطار افتراضي صرف، وبين أن جلالة الملك انصب جوابه على هذا الجانب في سياقه الافتراضي، مشددا على أنه لم يعرض أحد أو يتحدث أحد مع الأردن بخصوص تشكيل أي إطار عسكري إقليمي

الخصاونة جدد التأكيد على أن العلاقة بين الأردن والسعودية علاقة تاريخية واستراتيجية، لافتا إلى أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كانت ودودة وطيبة ودافئة، وجرى فيها استعراض لأوجه هذه العلاقة التاريخية الإيجابية، ولآفاق التعاون المستقبلي ولاسيما في مجال الاستثمارات المشتركة في العديد من القطاعات ومن ضمنها، قطاع الطاقة وقطاع المياه، إضافة إلى التكامل ما بين نيوم والعقبة

بالمحصلة قدم رئيس الوزراء في اللقاء التلفزيوني اداءً سياسيا متميزا سواء في التعامل مع الملفات الخارجية او الملفات الداخلية ورؤية الحكومة في التعامل مع الواقع الاقتصادي وسياستها المبنية على النهوض الاقتصادي ومعالجة اثار الارتفاع في الاسعار والطاقة بمسؤولية عالية