17.1 C
Amman
الإثنين, ديسمبر 23, 2024
الرئيسيةمقالاتبوتين وطريق العودة من كييف

بوتين وطريق العودة من كييف

المستقل – د . مهند مبيضين

لم يكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ينتظر من حلفائه الغرب مصير الترك وحيدا في المعركة، إذ كان تعويله كبيراً على حلفائه وعلى رأسهم الولايات المتحدة، بأن يرسلوا الجيوش والأسلحة، وأن يجندوا ويقيموا تحالفا دوليا لردع الرئيس بوتين، بل جعلهم يصدرون البيانات المتعاطفة معه وممارسة الخطابة ضد بوتين وروسيا معا، وفي أعلى مستويات الخطاب الغربي صرّح رئيس وزراء بريطانيا ان العمل الروسي «عمل بربري»، فيما رئيس الاتحاد الأوروبي ايمانويل ماكرون يقول :»إن الحرب قد تطول».

حجة الروس في الحرب، انهم تدخلوا لإنقاذ من طلب منهم المساعدة من مواطني إقليم دونباس، وأنه لم يكن عندهم خيار لتأمين حدودهم، ووقف التفرد الغربي الأمريكي في تحديد أولويات السياسة الأوكرانية، فتحرك الرئيس بوتين واصدر أوامره للجيش الروسي باجتياح أوكرانيا، وبدون الحاجة لحلفاء، بل دخل الحرب منفرداً ووحيدا، مكتفيا بدعم مباشر وتأييد الرئيس السوري بشار الأسد وكيم جون رئيس كوريا الشمالية. فهكذا حرب لا تكتمل بدون هؤلاء.

هدد بوتين خصومه بترسانة تسلح صاروخية عابرة، تفوق سرعة الصوت بأكثر من خمسة وعشرين مرة؟ وهو تفوّق لم يحدث للآن في الغرب، بوتين هدد كل من يريد التدخل ضده، وهو مستمر بعزل الرئيس الاوكراني، وفرض قواعده في اللعبة والأمن في أوروبا، لكن هذه الحرب ستعجل بنهاية بوتين أكثر.

قبيل نحو شهر نشر بوتين مقالة عن تصوره للماضي والحاضر والمستقبل، كان واضحا فيها انه يريد تأديب أوروبا التي لم تحفظ للروس انقاذها من النازية الهتلرية، فذكّر بالتاريخ جيداً وتحدث عن الخيانة الغربية وعدم الوفاء للروس، على صنيعهم مع الغرب في الحرب العالمية الثانية ضد اليابان وألمانيا.

اليوم يريد يوتين تعظيم الحضور الروسي، وانهاء التفرد الأمريكي بقيادة العالم، كما أنهى عمليّاً قيمة التحالف مع النيتو، وأنهى الاستئذان من الأمم المتحدة لأي عمل. وقبيل ذلك اقام إمبراطورية إعلامية تشارك العالم وجهة النظر الروسية، وغدت RT عملاقا اعلامياً يخدم أحلام القيصر ويقدم نظرة مغايرة لعالم الاعلام الغربي الأمريكي الذي لطالما رافق حروب الامريكان مثل CNN و FOX NEWS.

انتظر بوتين كثيراً كي بتوج قيصرا عظيماً بالنسبة للروس، ولم يجد من يردع طموحه منذ تدخله في سوريا عام 2014، وكان رده جاهز على الغرب «بأنكم تدخلتم في العراق، ولم يردعكم أحد»، ثم أخذ شبه جزيرة القرم، ولم يردعه أحد، ودعم ايران وتحالف مع الاتراك وتدخل في ليبيا، وللأسف يبدو تصرفه اليوم غريبا ومثيرا كونه حدث يريد له بوتين ان يجعله آمرا ناهياً في أوروبا والعالم.

إنّ العمل الروسي في أوكرانيا غير منطقي، فهو يعيد العالم للتخلف وللحروب وللاجتياحات، وهذا أمر لا يجوز ان يترك لأحد، بإعادة العالم لمربع الحروب والدمار.

صحيح أن طريق بوتين لاحتلال كييف بدت سهله للآن، ودون إعاقة، لكن العودة عن كييف ونحو موسكو ستكون موجعه ومكلفة، فدمار الإمبراطوريات دوما سببه الحروب والتمدد في الخارج. وفي طريق العودة ستكون صورة بوتين عالقة في ذهن أطفال أوكرانيا والمرملات والمهجرين، وربما سيعلق له صورة عملاقة عند مدخل قصر مارينسكي، في منطقة بيشرسك بكييف، حيث المقر الرسمي للرئيس الأوكراني، فذلك ما فعله مسلمو كوسوفو للرئيس كلينتون ومادلين اولبرايت، حين رفعوا صورهما في مقرات الحكومة وقاعات الجامعات في العاصمة بريشتينا.

إنّ دروس التاريخ التي قالها بوتين عن أوكرانيا، مهمة، لكن المهم ان يتعلم بأن الحروب لا تقيم عالما محترما من القيم والحضارة، فهي تدمر الذاكرة واسوأ الأمجاد امجادها؛ لأنه لا يقوم بها إلا المستبدون.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

اقرأ ايضا