المستقل – عمر عليمات
تسعى العديد من دول العالم إلى تعزيز قوة جواز سفرها، لتمكين مواطنيها من التنقل إلى أكبر عدد من الدول دون الحاجة إلى تأشيرات مسبقة، أو تخفيق الإجراءات المرتبطة بالحصول على أذون الدخول، إلى جانب انتهاج سياسات تتعلق بالتركيز على تصدير العمالة من خلال العلاقات الثنائية مع الدول المستقطبة.
تسهيل عميلة تنقل الأشخاص لم يعُد مرتبطاً بالسياحة فقط بل بات مثل بوابة مهمة للباحثين عن فرص وظيفية في دول أخرى، إذ أن الكثير من الشركات أو أصحاب العمل يفضل مقابلة العامل بشكل مباشر قبل عملية التوظيف، هذا إلى جانب أن بعض الدول تضع «كوتا» محددة لبعض الجنسيات لتشجيع أرباب العمل على توظيفهم، باعتبار ذلك دعم سياسي واقتصادي للدول الصديقة.
جواز السفر الأردني ورغم تمتع الأردن بعلاقات قوية مع غالبية دول العالم لا يزال بحاجة إلى تعزيز ضمن تصنيفات جوازات السفر في العالم، وهذا ما يقلل من فرص تحرك الأردنيين خاصة الباحثين عن عمل، هذا إلى جانب سببه غياب لدور وزارة العمل في فتح الأسواق الخارجية للعمالة الأردنية.
الأردن يعاني من مشكلتين متلازمتين وهما ارتفاع عدد الخارجين الجامعيين حيث وصل عددهم في السنوات العشرين الماضية إلى نحو مليون خرج وفي ذات الوقت شبه انعدام في الشواغر الوظيفية في القطاع العام الذي يعاني أصلاً من الترهل والبطالة المقنعة إلى جانب انخفاض الفرص المتاحة في القطاع الخاص نتيجة الظروف الاقتصادية التي يمر بها الأردن.
حصر التفكير في التوظيف الداخلي نتائجه واضحة ومعروفة، فمن غير الممكن أن يستوعب السوق الأردني هذه الأعداد الهائلة من الخريجين ناهيك عن الاعداد التي تفوقهم ممن لم يتحصلوا على فرص التعليم، بحيث أن الحديث عن إشكالية مخرجات التعليم باتت مستهلكة، فلا فرص وظيفية للمتعلمين أو غيرهم لأسباب معروفة تتعلق بقوة الاقتصاد وحجم السوق وارتفاع نسبة الشباب في المجتمع والبالغ عددهم نحو 2.6 مليون شاب ومن المتوقع ارتفاع هذه العدد إلى 3 ملايين شاب خلال السنوات المقبلة.
الحكومة اليوم بحاجة إلى العمل ضمن مسارين الأول يتعلق بالسعي نحو الحصول على «كوتا» للعمالة الأردنية في الدول المستقطبة للعمالة سواء العربية أو الأجنبية والثاني عبر تعزيز قوة الجواز الأردني لإعطاء فرصة للأردني للبحث عن وظائف خارج الحدود.
الحديث عن هجرة الكفاءات لم لا يعُد أمراً مقبولاً، فالأردن أصبح لديه فائض من الكفاءات لا يمكن للسوق المحلي استيعابها، هذا إلى جانب أن محاولة إتاحة الفرصة للعمل في الخارج إيجابي من عدة أوجه من حيث التخفيف من نسب البطالة وزيادة التحويلات المالية من الخارج واكتساب خبرات متقدمة ترفد السوق الأردني عند عودتها.
باختصار فإن البقاء ضمن دائرة إيجاد حلول محلية لمشكلة البطالة ستبقى قاصرة فنحن بحاجة إلى عقود لإيجاد شواغر للأعداد الهائلة من الباحثين عن العمل، وعلى الحكومة أن تتبنى برنامجاً واضحاً لتعزيز قوة الجواز الأردني واستغلال علاقاتها السياسية مع الدول الأخرى لفتح المجال امام العمالة الأردنية، دون التركيز فقط على عدد محدد من الدول العربية.