المستقل – يحمل جميع الركاب تقريبًا على متن الطائرات بطاريات ليثيوم أيون، سواء في هواتفهم، أو حواسيبهم المحمولة، أو بطاريات الشحن المحمولة، أو حتى السجائر الإلكترونية. وعندما يحدث خلل في إحدى هذه البطاريات، تُظهر اختبارات إدارة الطيران الفيدرالية أن العواقب قد تكون كارثية.
وكانت رحلة خطوط دلتا الجوية رقم 1334 متجهة من مدينة أتلانتا بولاية جورجيا إلى مدينة فورت لودرديل بولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الشهر الماضي، عندما بدأ الدخان واللهب يتصاعدان من حقيبة ظهر تعود لأحد المسافرين.
وكان السبب يتمثل في بطارية ليثيوم أيون شخصية تعود لأحد الركاب، كانت موضوعة داخل حقيبة اليد.
في مركز “ويليام جي هيوز” التقني التابع لإدارة الطيران الفيدرالية بمدينة أتلانتيك سيتي في نيوجيرسي، يعمل مهندسو السلامة للوقاية من الحرائق على دراسة وعرض مدى خطورة هذا النوع من الحوادث.
وقال روبرت أوكس، مدير قسم سلامة الحرائق في المركز:”يمكن لبطاريات الليثيوم أن تدخل في حالة تُعرف بـ ‘الهروب الحراري’. فجأة تبدأ البطارية في قصر كهربائي داخلي… وتستمر درجة الحرارة في الارتفاع حتى تنهار بنية البطارية نفسها. وعند تلك النقطة، يمكن أن تقذف سائلًا إلكتروليتيًا منصهرًا، ولهبًا، ودخانًا، وغازًا سامًا”.
وقد أجرت إدارة الطيران الفيدرالية عرضًا توضيحيًا داخل حظيرة الأبحاث الخاصة بها لشرح ما يمكن أن يحدث.
ووضِعت بطارية شحن قابلة لإعادة الاستخدام (مثل التي تستخدم لشحن الهواتف أو الحواسيب) داخل جيب خلفي لمقعد، ثم تم تسخينها إلى أكثر من 300 درجة لمحاكاة حالة الهروب الحراري.
فجأة، اندلعت شرارات ولهب بعنف، ما أدى إلى احتراق المقاعد المجاورة وتصاعد سحب كثيفة من الدخان.
وقال أوكس:”الاختبارات التي نجريها هنا تساعد مضيفي ومضيفات الطيران. ففي كل مرة يحدث فيها حريق على متن طائرة، يكون الأمر خطيرًا للغاية، ويجب اتخاذ إجراء فوري، لأنه لا يوجد مكان للهروب”.
مثل هذه الحرائق الناتجة عن الهروب الحراري يصعب السيطرة عليها. وتوصي إدارة الطيران الفيدرالية مضيفي الطيران باستخدام طفاية حريق من نوع الهالون في البداية، وهي من المعدات القياسية على متن الطائرات، لكن هذا الإجراء وحده قد لا يكون كافيًا.
في الاختبار الذي أُجري عادت ألسنة اللهب للاشتعال بعد لحظات فقط.
وأوضح أوكس أن إمساك طفاية الحريق اليدوية واستخدامها لإطفاء اللهب لن يوقف الحريق بحسب اختباراتهم، وأن النيران ستشتعل مجددًا مع بطاريات الليثيوم.
وأضاف: “لذا يجب إضافة الماء، أكبر قدر ممكن من ماء عربة المطبخ، أو أي سوائل غير كحولية يمكن الوصول إليها، فقط لبدء سكبها على الجهاز مباشرة”.
ليست مشكلة جديدة لكنها تتفاقم :
هذه المشاكل ليست جديدة، لكن عدد البطاريات التي تُحمل على متن الطائرات اليوم أكبر من أي وقت مضى، إذ أوضحت منظمة “UL Standards and Engagement” للسلامة أن الراكب العادي يحمل اليوم ما معدله أربعة أجهزة تعمل ببطاريات ليثيوم أيون.
وقال جيف ماروتيان، وهو الرئيس والمدير التنفيذي للمنظمة:”الحرائق نادرة، لكنها في ازدياد. نشهد ما يصل إلى حالتين أسبوعيًا، سواء على الطائرات أو داخل المطارات”.
تسمح إدارة الطيران الفيدرالية بوضع غالبية الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية الشخصية التي تحتوي على بطاريات ليثيوم أيون في كل من الأمتعة المحمولة والمشحونة.
لكن البيانات الفيدرالية الأخيرة تُظهر أن أكثر أسباب الحوادث شيوعًا هي بطاريات الشحن الخارجية، ولهذا السبب، منعتها إدارة الطيران الفيدرالية من التواجد داخل الأمتعة المشحونة، حيث يصعب الوصول إليها في حال اشتعالها.
رغم التحذيرات، أشارت “UL Standards and Engagement” إلى أن راكبين من كل خمسة ركاب لا يزالون يضعون هذه البطاريات في الأمتعة المشحونة.
قال أوكس:”نعلم أن حرائق بطاريات الليثيوم في مقصورة الشحن تُشكل خطرًا كبيرًا. يجب على الركاب إحضارها معهم داخل الطائرة، وأن تكون في متناول اليد. لأنه إذا اشتعلت واحدة وكانت مدفونة داخل حقيبتك في الرف العلوي، فسيكون من الصعب على طاقم الطائرة التعامل معها”.
حادثة كوريا الجنوبية :
في 28 يناير /كانون الثاني الماضي، اشتعلت النيران في طائرة “إيرباص A321” تابعة لشركة طيران Air Busan أثناء توقفها في مطار غيمهاي الدولي في مدينة بوسان، كوريا الجنوبية.
ولا تزال التحقيقات جارية، لكن السبب يُعتقد أنه بسبب بطارية شحن شخصية وُضعت في أحد الرفوف العلوية. وقد أسفر الحادث عن إصابة 27 شخصًا، بينهم 3 حالات إصابة خطيرة.
بناءً على ذلك، وضعت كوريا الجنوبية قواعد جديدة تحظر وضع البطاريات المحمولة في الرفوف العلوية، وتمنع شحن الأجهزة على متن الطائرة.
قواعد جديدة في الولايات المتحدة :
في الولايات المتحدة، أصبحت خطوط ساوث ويست الجوية تشترط أن تبقى جميع البطاريات المحمولة “مرئية للعيان” أثناء استخدامها، ولا يُسمح بشحن الأجهزة داخل الرفوف العلوية.
قال ماروتيان:”نعلم أن هذه مشكلة قابلة للحل، وأساس الحل هو توعية وتثقيف المسافرين، إذ تُعتبر حرائق بطاريات الليثيوم على الأرض خطيرة بما فيه الكفاية، بينما قد تكون كارثية على ارتفاع 30,000 قدم”.
تنبيهات للركاب :
إذا شعرت أن جهازك يسخن بشكل غير طبيعي، عليك إبلاغ طاقم الطائرة فورًا.
إذا سقط جهازك داخل المقعد، لا تحاول تحريك المقعد بنفسك، ما قد يُسبب حدوث هروب حراري.
وقال أوكس:”إذا فقدت جهازك داخل المقعد… لا تُحرك المقعد. فقد يسبب ذلك ضغطًا على الجهاز ويؤدي إلى احتراقه. الخيار الأفضل دائمًا هو إبلاغ مضيف الطيران فورًا”.
نصيحة بخصوص جودة الأجهزة :
يمكن للمستهلكين تجنب بعض المخاطر باختيار أجهزة ذات جودة عالية.
أوضح أوكس:”إذا كان سعر الجهاز أرخص بكثير من باقي المنتجات في السوق، فمن المرجح أنه لا يمر عبر عمليات تصنيع صارمة. وقد يحتوي على عيوب خفية قد تسبب فشله واحتراقه”.
“cnnالعربية”
