المستقل – كتب : د . مشعل الماضي
جاءت مبادرة معالي ابن الجديدة والفوتيك كمبادرة هادفة إلى الحدّ من المظاهر الاجتماعية المبالغ بها في مناسبات الخطوبة والأفراح والعزاء وليس تدخلاً في خصوصيات المجتمع أو ضربا في العادات والتقاليد كما يظن البعض ممن نحترم ونجل، بل هي دعوة راشدة إلى استعادة القيم الأصيلة التي تميز بها المجتمع الأردني والمتمثلة في التراحم والتكافل ومساعدة المحتاج والأخذ بأيدي غير المقتدرين لتجاوز محنتهم في عزاء أو سد عوزتهم في زواج . فالمتأمل في واقعنا يدرك أن كثيراً من هذه المظاهر باتت دخيلة على عاداتنا، لا تمتّ بصلة إلى الكرم أو التكافل أو الشهامة التي عرف بها الأردنيون، بل تعكس سباقاً في المظاهر والمبالغة لابل في العلو على بعضنا البعض والتباهي بالقدرة المالية الزائفة وتحجيم المكانة الاجتماعيةللفقير والمحتاج ، حتى أصبحت المناسبات الاجتماعية عبئاً مادياً ونفسياً على الأسر.
لقد تحولت بعض مظاهر الفرح والعزاء إلى استعراض اجتماعي يُرهق ذوي الفرح أو العزاء وكذلك المشاركين، كما يدفع الشباب غير المقتدر إلى البحث عن الأموال بطرق غير مشروعة أو اللجوء إلى الأقتراض من البنوك على الأقل ليتمكن من اقامة المحافل الزائفة بمظاهرها البراقة.
إنّ المبادرة جاءت لتعيد الاعتدال والواقعية إلى المشهد الاجتماعي، ولتحافظ على جوهر العادات الأردنية الأصيلة التي تقوم على التكافل والبساطة واحترام الوقت وتقديم العذر لا اللوم لمن لاتسعفه قدراته المالية أو وقت عمله على المشاركة .
إن تلك المبادرة لا تنتقص من قيمنا، بل تصونها من التشويه والتضخم الذي أفرغها من معناها الحقيقي؛ ومن الواجب دعم هذه الخطوة المسؤولة بوصفها إصلاحاً اجتماعياً يسهم في ترسيخ ثقافة التكافل الاجتماعي والرحمة بين أفراد المجتمع والأخذ بأيدي الشباب نحو شق طريقهم الشوكي في حياة تتلاطم فيها امواج الفقر و الغلاء بشتى انحاء المعمورة، كما تؤسس تلك المبادرة لمجتمع أكثر وعياً وتوازناً في قيمه وسلوكه.


