25.1 C
Amman
الجمعة, يونيو 20, 2025
spot_img
الرئيسيةمحلياتابو نايف يكتب .. خلية الـ16 وكشف الأقنعة عن مشروع التأزيم في...

ابو نايف يكتب .. خلية الـ16 وكشف الأقنعة عن مشروع التأزيم في عباءة الدين

المستقل –  كتب: أبو نايف

في نيسان 2025، أسدلت دائرة المخابرات العامة الستار عن فصل جديد من المواجهة مع الظلام، حين أعلنت عن تفكيك خلية إرهابية مكوّنة من 16 فردًا، تبيّن أن خيوطها تمتد لتلتف حول رقبة مشروع قديم – جديد يتغذى على الأزمات وينبض بالفوضى — مشروع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن.

ليست هذه أول خلية، ولن تكون الأخيرة، طالما بقيت بعض التيارات السياسية تمتهن الاصطياد في مياه الاضطراب، وتؤطر الإرهاب تحت عباءة “المقاومة”، وتسترخص الوعي الشعبي بجرعات زائدة من الخطابات العاطفية. فالإخوان المسلمون، منذ سنوات، لا يقتاتون إلا على ملفات التأزيم، ولا يعيش مشروعهم إلا على فتات الفتنة.

هذا الخطاب الشعبوي الذي يُراد له أن ينمو فوق ركام الدولة، يجعل المتابع يلحظ بسهولة تلك الجرعة المفرطة من التحريض، حيث لا يخلو من نفس التأليب، تارة عبر منابرهم، وتارة أخرى تحت قبة البرلمان، وفي مكاتب السياسة المواربة. هم لا يعارضون بوصفهم جزءًا من منظومة وطنية تسعى للإصلاح، بل يتقنون لعبة الضغط والمساومة؛ يزايدون في الشارع، ويفاوضون خلف الأبواب، وكل ذلك على حساب هيبة الدولة واستقرار المجتمع.

المناداة بنصف مليون ناخب على أنهم وقود ثوري لا زاد إصلاحي أمر سمعناه كثيرًا في الفترة الماضية. لم ينظروا إلى القاعدة الانتخابية التي نالوها يومًا كفرصة لبناء مشروع محافظ إصلاحي حقيقي، بل اختاروا أن يجعلوا منها وقودًا لثورة انتهازية عابرة، تجيّش العواطف وتستثمر في أوجاع الناس لا لأجلهم، بل لأجل مكاسبهم. لم تكن خلية الـ16 حالة شاذة عن السياق، بل نتيجة طبيعية لنظرية صناعة البطل من قلب الجريمة.

وفي أتون أسطورة “المـقـاومة” التي سعت الجماعة إلى الترويج لها، بدا واضحًا أنها تحاول تحقيق هدفين متوازيين، الأول هو صناعة تعاطف شعبي يعمل كأداة ضغط تُحاصر الدولة في زاويتين؛ فإن شيطنت الجماعة بدت الدولة في موضع “الجلاد”، وإن هادنتها وُصمت بالتواطؤ. أما الهدف الثاني فهو قانوني محض، إذ تحاول الجماعة الاحتماء خلف مصطلحات خادعة وملتبسة، مستندة إلى قانون 2014 الذي لا يجرّم دعم المقاومة، لتفادي الملاحقة تحت بند الإرهاب، وكأن الإرهاب يُغتسل بتسمية ملطّفة.

وقد برزت المعركة الحقيقية للجماعة من خلال إصرارها على حظر النشر، وترويجها لذلك عبر منصاتها وتحركاتها الشعبية ونخبها التي تعي جيدًا ما تصنع. فالمعركة الأهم لتلك التيارات لم تكن يوماً في الخلية ذاتها، بل في قدرتها على السيطرة على رواية الحدث. فهم يدركون أن الخطر الأكبر ليس في سلاح المخابرات، بل في سلاح الوعي الشعبي. يخشون أن تظهر الحقيقة كما هي: أن خطابهم العاطفي لا يصمد أمام الأرقام والوقائع، وأن البيانات والتصريحات ما هي إلا خيوط عنكبوت تُغزَل لتمنحهم صكّ البراءة أمام العامة وتغسل يديهم من الدم.

في النهاية، الحقيقة حاضرة وإن غابت العاطفة. ما حدث لم يكن إلا اعتداءً صارخًا على القانون الأردني والسلم المجتمعي. أولئك الذين يتغنون بنظرية روبن هود، ويمنحون أنفسهم شرعية السلاح تحت ستار العدالة، عليهم أن يراقبوا أفواههم. الأصفر والأخضر معًا، بخطابهما الشعبوي، يسعيان للاستقواء بمشاعر الأردنيين، لا بعقولهم، في تكرار ممل لتاريخ يعرفه الأردنيون جيدًا.

فرسان الحق من رجال المخابرات لم يناموا، أوصلوا الليل بالنهار لهدم مارد تغذّى على مأساة غزة، فاختار أن يغدر بالأردن من خاصرته. من يشيطن هذا الإنجاز الأمني الجبّار، ويصوّره على أنه تخادم أو تصفية حسابات، إنما يغتصب وعي الأردني، ويهين دماء الشهداء، ويخون الصدق قبل أن يخون الوطن.

وقصارى القول إننا أمام معركة وعي، لا معركة أجهزة. معركة وطن، لا مشهد عابر في نشرة أخبار. وحين يتدافع فزّاع، وتتراشق أبواق الخارج بالشائعات، نعلم يقينًا أن المستهدف ليس خلية الـ16، بل المؤسسة الأمنية ذاتها، والجيش العربي، درع الوطن وسياجه. وهنا يجب أن نقولها بوضوح: “حصّن نفسك يا أبو نايف”، فالوطن بحاجة إلى إعلام صادق، يزرع الثقة في نفوس الشباب، ويعيد الاعتبار إلى قيم الانتماء.

هذه المرحلة هي لحظة صدق. والوطن وطن الأردنيين، والهوية لا يحرسها إلا من أحبها، لا من تاجر بها.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

اقرأ ايضا