المستقل – بقلم : عبد المنعم الزعبي
تعليقا على الاحصاءات الصادرة مؤخرا عن البنك المركزي، دأبت بعض الآراء على ربط ارتفاع ودائع البنوك بجفاف السيولة في السوق المحلية. أصحاب هذا الرأي المغلوط يجدون في زيادة الودائع تراكما في السيولة المجمدة في الاقتصاد، وهذا غير صحيح على الإطلاق .
فدوران المال في الاقتصاد هو ما يزيد قيمة الودائع، على عكس الميل للادخار بدل الانفاق والعزوف عن الاقتراض، والذي يؤدي إلى انخفاض نمو الودائع وانكماشها.
فعزوف أحد التجار عن العمل وميله للادخار لا يؤدي بالمحصلة إلى زيادة الودائع في البنوك. فما يزيد لديه نتيجة تعطل عمله، ينقص عند الموردين والعمال وغيرهم من أصحاب المصالح. ومن يبيع أرضا أو استثمارا تزيد ودائعه لدى البنك مقابل انخفاضها لدى الشاري أو المستثمر الجديد، وهكذا.
أما الزيادة الحقيقية في إجمالي الودائع فتنتج عن العوامل الإبجابية التالية:
1. تشكل الأرباح في الاقتصاد والتي تمثل مصدرا جديدا للودائع لم يكن موجودا من قبل.
2. تدفق أموال إلى الاقتصاد (استثمارات، حوالات مغتربين، منح، عوائد تصدير، سياحة، إلخ) أكثر من الأموال المتدفقة للخارج (مستوردات، سداد قروض، هروب رؤوس أموال، الخ).
3. وجود توسع في نشاط الإقراض. فما يتم إقراضه من ودائع البنوك يخلق ودائع جديدة لدى المقترضين والمستفيدين من أوجه إنفاق القروض. فبدلا من وجود وديعة واحدة (هي التي تم استخدامها في الإقراض) يصبح لدينا وديعتان، وهذا ما يسمى بمضاعف المال.
بالمقابل، فإن القول بأن ارتفاع الفائدة يؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي، فهذا صحيح. ولكن ذلك لا يؤدي إلى زيادة الودائع بل إلى تراجع نموها أو انكماشها في حالات الكساد، كونه يؤدي إلى تراجع حركة الإقراض والأرباح والاستثمار المسؤولة جميعها عن خلق الودائع.
الخلاصة أن نمو الودائع مؤشر اقتصادي صحي، وأننا يجب أن نقلق عندما تتوقف الودائع عن النمو بمستويات صحية. أما الأثر السلبي لارتفاع الفائدة ففيه حديث آخر حول كيفية التأثير من ضغوطه على الاقتصاد.