المستقل – المهندس حمزة العلياني
يسعى الأردن عبر زيادة الصادرات للوصول إلى النمو الاقتصادي المنشود، وتخفيض العجز التجاري، وتوفير فرص العمل، ودعم احتياطاته من العملات الأجنبية، وتحفيز أصحاب الأعمال لتوسيع أعمالهم واستقطاب المزيد من الاستثمارات، ولذلك ركزت رؤية التحديث الاقتصادي على رفع إنتاجية القطاع الصناعي من 5.3 مليار دينار لحوالي 11.1 مليار دينار، وكذلك زيادة حجم الصادرات الصناعية الى نحو 19.8 مليار دينار نهاية 2033. حيث تعمل الحكومات على كسر الحواجز أمام تنمية قدرات الشركات، ودعم استثماراتها لتصدير المنتجات المحلية إلى الأسواق العربية والدولية، وضمان استمرار الريادة في الصناعة والانتاج
القطاع الصناعي من اهم القطاعات التي توفر فرص العمل، ومن المأمول ان يساهم في توفير ثلث فرص العمل حسب أهداف الرؤية الاقتصادية، حيث يعد قطاع الثروة المعدنية من أهم الثروات التي تبنى عليها اقتصاديات الدول، خصوصا في الأردن، ويتميز بالقدرة على التوسع في الإنتاج وتحقيق الكفاءة والتنوع في سلة منتجاته، إضافة إلى مواكبة التطورات التكنولوجية وتعزيز ومأسسة الممارسات الداعمة للاستدامة، حيث يمكن ان يساهم قطاع الأسمدة الأردني في تحقيق ريادة المملكة عالميا، خاصة في كل ما يتعلق بالأمن الغذائي
الصادرات الوطنية شهدت نمواً في نسب صادراتها للأسمدة بما نسبته 20.2 %، في الثلث الأول من العام 2023، وانعكست ايجابا على النمو الاقتصادي ليسجل 2.8 %. إلا أن الانخفاضات الحادة والمتتالية في أسعار الأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية في الاسواق العالمية، أدت إلى تراجع في أرباح شركتي التعدين مناجم الفوسفات الأردنية والبوتاس العربية خلال النصف الأول من العام الحالي، علما أن الصادرات من الأسمدة والبوتاس الخام والفوسفات الخام ارتفعت بنسبة 9.37 %، وعلى الرغم من تحقيق الشركتين أرباحا صافية بعد الضريبة بلغت 395 مليون دينار، لكنها سجلت انخفاضا في ارباحها بنسبة أعلى من 50 % عن نفس الفترة من العام 2022 أسوة بباقي الشركات العالمية
أسعار الأسمدة الزراعية ارتفعت طوال عام 2022، وحطّمت في ارتفاعها أرقامًا قياسيّة، إلّا أنّ السيناريو قد انعكس الآن، فقد شهد سعر الأسمدة انخفاضاً بنسبة تجازوت 50 % في النصف الأول من العام 2023 بسبب هبوط أسعار الغاز الطبيعي، بحسب «بلومبرج أنتليجنس». ومع ذلك ما تزال الأسعار عند مستوياتها المرتفعة تاريخياً، والتراجع في الأسعار يعكس هدوء المخاوف المتعلقة بالإمدادات وتباطؤ نمو الطلب جراء عدم اليقين الاقتصادي، الذي حفّزه استمرار زيادة معدلات الفائدة، وإن كانت بوتيرة أقلّ من العام الماضي (2022). وتتأثر هذه الصناعة أيضاً بقضايا جانب العرض، بما في ذلك أزمة الإنتاج في أوروبا، والاضطرابات الناجمة عن العقوبات المفروضة على روسيا وبيلاروس، والقيود التجارية في الصين
قطاع التعدين بحاجة الى اعتماد إستراتيجية عملية تقوم على الانتقال الكامل إلى المنتج النهائي، وتحقيق قيمة مضافة عالية، والتحول الكلي في صناعة الفوسفات والبوتاس من خلال الانتقال من مرحلة بيع المواد الخام، واستغلال كل ما يتعلق بالمعادن المصاحبة إلى امتلاك صناعة حقيقية تتعلق بمشتقاته أيضا من خلال فرص التعقيد الاقتصادي في صناعات الأسمدة وتطويرها وتنويع منتجاتها، وهذا يتطلب قطع أشواط مهمة من خلال الاستثمارات في الصناعات التحويلية، لتعظيم القيمة المضافة من الثروة المعدنية وتوفير المنتجات الوسيطة، بالاضافة الى التوجه للاستثمار في الشركات العالمية، لتعزيز سلة المنتجات وتوطينها كأحد ركائز قطاع الصناعة المستدام، وفتح أسواق تصديرية جديدة
تصنف شركتا مناجم الفوسفات الأردنية والبوتاس العربية من ضمن أقوى 100 شركة في قائمة فوربس للشرق الأوسط، وبقيمة سوقية تتجاوز 8 مليارات دولار، مما يمكن الشركتين من العمل على مشاريع مشتركة في الذكاء الاصطناعي، والأمونيا الخضراء، وتحلية مياه البحر، وزيادة كفاءة أنظمة المياه والطاقة، والتحول الى مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون لتعزيز الاستدامة، وبما يتوافق مع استهداف الأردن للوصول للحياد الصفري في عام 2050، عبر تحليل الفرص والعمليات المتاحة لإعادة التدوير والتصنيع والتطوير من أجل الاستخدام الأمثل للموارد، إضافة إلى المساهمة في فتح اسواق غربية للمنتجات ذات القيمة المضافة للبيئة من خلال الالتزام بتطبيق معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG)
كذلك على الحكومات تبني عدة أطر قانونية جديدة تحفز الاستثمارات في هذا القطاع المهم، وتطور البنية التحتية لقطاع التعدين، من خلال إنشاء موانئ جوية وبحرية وطرق جديدة وطرح مشروع سكك حديد بالتعاون مع شركتي الفوسفات والبوتاس، حيث ساهم قطاع النقل بنسبة 20 % من كلف الانتاج في الشركتين، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة عبر تزويد الشركتين بطاقة متجددة بالتعاون مع شركة الكهرباء الوطنية، التي تستطيع طرح جولة خاصة بشركات التعدين التي من الممكن تزويد هذا القطاع بطاقة كهربائية لا تتجاوز قرشين لكل كيلوواط، الذي سيسهم في تخفيض الكلفة، إضافة إلى زيادة حجم تنافسية الشركات