المستقل – كتب : المهندس محمد كريشان
يجب على الأردن إعادة تقييم سياسته الخارجية خصوصًا في علاقاته مع الدول الغربية ونظرًا للعديد من التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية التي أثبتت أن الاعتماد الكبير على الدعم الغربي قد لا يكون دائمًا مستدامًا أو كافيًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي وعلى مدار العقود الماضية اعتمد الأردن بشكل كبير على المساعدات الأمريكية والأوروبية ، والتي كانت عاملًا أساسيًا في دعم اقتصاده وأمنه ، إلا أن هذه المساعدات غالبًا ما تكون مشروطة بأجندات سياسية قد لا تتماشى دائمًا مع المصالح الوطنية الأردنية ، كما أن الأوضاع الدولية المتغيرة تدل على أن الأولويات الغربية قد تتغير وفقًا لمصالحها الخاصة، ما يجعل الأردن في موقف هش إذا لم (Diversified) اي متنوع في تحالفاته الاقتصادية والسياسية .
حيث أن التجارب السابقة أظهرت أن الأردن كلما وسّع خياراته وعزز تنويع شراكاته الدولية ، زادت قوته في المفاوضات الإقليمية والدولية ، فعلى سبيل المثال تعزيز العلاقات مع الصين وروسيا ودول شرق آسيا قد يمنح الأردن فرصًا اقتصادية واستثمارية جديدة ، بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على الغرب ، كما أن توثيق العلاقات مع الدول العربية وتعزيز التعاون الإقليمي يمكن أن يسهم في تقليل الضغوط الخارجية وتحقيق استقلالية أكبر في القرارات السياسية والاقتصادية .
كما أن الأردن بحاجة إلى الاستفادة من التجارب السابقة في إدارة أزماته ، حيث أظهرت المواقف الغربية تجاه القضية الفلسطينية تراجعًا كبيرًا في الالتزام بحل الدولتين ، ما يجعل من الضروري للأردن أن يبحث عن حلفاء جدد لدعم موقفه في هذا الملف الحساس ، كما أن الضغوط السياسية والاقتصادية التي تعرض لها الأردن في فترات سابقة نتيجة للتغيرات في السياسة الغربية وخصوصاً الأمريكية ، تؤكد أهمية وجود بدائل وشراكات متعددة تعزز مناعته ضد الأزمات المفاجئة .
بالتالي فإن تطوير سياسة خارجية أكثر مرونة ، قائمة على تنويع التحالفات والانفتاح على أسواق واستثمارات جديدة، يمكن أن يمنح الأردن قوة تفاوضية أكبر ، ويقلل من التأثيرات السلبية لأي تغييرات مفاجئة في السياسات الغربية تجاه المنطقة .
ونقول هنا انه يجب على الأردن إعادة تقييم سياسته الخارجية وتنويع شراكاته الدولية لتحقيق استقلالية أكبر في قراراته السياسية والاقتصادية فقد اعتمد لعقود طويلة على المساعدات الغربية وخاصة الأمريكية والأوروبية التي لعبت دورًا رئيسيًا في دعم استقراره الأمني والاقتصادي إلا أن المتغيرات الدولية أظهرت أن هذا الاعتماد قد لا يكون مستدامًا حيث شهدت العلاقات الأردنية الغربية تقلبات نتيجة التحولات السياسية العالمية مما يفرض على الأردن البحث عن بدائل أكثر توازنًا تضمن مصالحه الوطنية بعيدًا عن الضغوط الخارجية .
وشهدت السياسة الغربية تغيرات واضحة تجاه قضايا الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية التي تعد أولوية رئيسية للأردن إذ تراجع الدعم الغربي لحل الدولتين وازدادت الانحيازات لصالح إسرائيل ما يضع الأردن في موقف صعب خاصة فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وهو ما يتطلب البحث عن حلفاء جدد لتعزيز موقفه في هذا الملف الحيوي كما أن الأردن تأثر بتغير أولويات الدول الغربية التي باتت تركّز على مصالحها المباشرة متجاهلة الاحتياجات الحقيقية لدول المنطقة
من الناحية الاقتصادية فإن المساعدات الغربية لم تعد مضمونة كما كانت في السابق فقد شهدت الولايات المتحدة وأوروبا أزمات اقتصادية جعلتها تقلّص دعمها الخارجي أو تربطه بشروط قد لا تتناسب مع المصالح الأردنية مما يجعل من الضروري تطوير الاقتصاد المحلي وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع قوى اقتصادية ناشئة مثل الصين وروسيا والهند وتركيا كما أن تجربة بعض الدول الإقليمية مثل الإمارات وقطر وتركيا أثبتت أن تنويع التحالفات الاقتصادية والاستفادة من الاستثمارات الدولية يساهم في تحقيق الاستقرار المالي ويقلل من الاعتماد على المساعدات المشروطة.
بالتالي يجب على الأردن تعزيز التعاون العربي بشكل أكبر والاستفادة من العلاقات القوية مع دول الخليج لدعم الاقتصاد الوطني من خلال مشاريع استثمارية طويلة الأمد كما أن تعزيز التجارة الإقليمية والانفتاح على الأسواق الجديدة يمكن أن يساعد في تحقيق نمو اقتصادي مستدام ومن المهم أن يعمل الأردن على تطوير بنيته التحتية وجعل نفسه مركزًا لوجستيًا وتجاريًا بين آسيا وأوروبا مما سيزيد من جاذبيته للاستثمارات الدولية.
الاستفادة من التجارب السابقة تعني أن الأردن بحاجة إلى بناء سياسة خارجية أكثر مرونة وقادرة على التكيف مع المتغيرات الدولية فمن خلال تقوية علاقاته مع القوى الاقتصادية الجديدة وتنويع مصادر الدعم والاستثمار سيحافظ الأردن على استقلاله السياسي ويقلل من تأثير أي ضغوط خارجية قد تعرقل مسيرته نحو الاستقرار والتنمية .