المستقل – أكد خبراء في العلاقات الدولية أن المرحلة الحاسمة في الوصول إلى مفاوضات حول اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران ستكون مع الجولة المقبلة، التي ستشهد جلسات بين الخبراء الفنيين من الجانبين، والتي سيترتب عليها شكل البرنامج النووي الإيراني في حال التوافق على الخطوط الرئيسة الخاصة بنسب ات ال، وما بين ذلك من تفاصيل معقدة تحتاج إلى “أصحاب النفس الطويل”.
وأوضحوا في تصريحات، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد الذهاب إلى تفاوض مع طهران في إطار من الإذلال، في ظل تمسكه الدائم بتضخيم إنجازاته، راغبًا في الوصول إلى مشهد عند الاتفاق، يظهر فيه متفاخرًا بأنه حقق ما فشل فيه من قبله الرؤساء السابقون جو بايدن وباراك أوباما، وكذلك الأوروبيون، بإخضاع إيران التي لطالما هدّدت ورفضت الانصياع لأي وعيد أو عقوبات طوال عقود.
وكان متحدث باسم وزارة الخارجية العُمانية أكد أن اجتماعات روما، التي جرت السبت الماضي بين وزير خارجية إيران عباس عراقجي، والمبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف، عبر وساطة وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، أسفرت عن توافق الأطراف للانتقال إلى المرحلة التالية من المباحثات الهادفة إلى التوصل لاتفاق منصف ودائم وملزم، يضمن خلو إيران بالكامل من الأسلحة النووية، ورفع العقوبات عنها، مع الحفاظ على حقها في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية.
وتزامن ذلك مع إعلان وزير الخارجية الإيراني عن انطلاق جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، يوم الأربعاء المقبل، في سلطنة عُمان، على مستوى الفرق الفنية.
ويقول الخبير في الشأن الأمريكي أحمد ياسين، إن ما يجري في العلن من ضغوط على إيران يختلف عما يجري في المحادثات. فبينما تُظهر واشنطن في الإعلام عزمها على تفكيك المشروع النووي الإيراني بالكامل، كانت النقاط المطروحة في مسقط، ثم روما، أكثر وضوحًا، وتركزت على ضمان سلمية البرنامج النووي، وإتاحة التفتيش المفاجئ والشامل دون عراقيل، ليس فقط على المنشآت النووية، بل أيضًا على المراكز البحثية والمناطق العسكرية، التي أشارت تقارير سابقة إلى استخدامها في التخصيب.
وبيّن ياسين، أن الجولة المقبلة، والتي ستُعقد بين خبراء فنيين من الجانبين، ستكون حاسمة في تحديد شكل البرنامج النووي الإيراني، بناء على التوافق حول نسب التخصيب وآليات التفتيش المستقبلي.
واعتبر أن النقاط الأساسية التي طُرحت في روما ركزت على شروط ترامب، ومنها منع إيران من الوصول إلى نسبة 90% في تخصيب اليورانيوم، وهي النسبة التي تتيح لها إنتاج قنبلة نووية، ومنع إنتاج الصواريخ التي تحمل رؤوسًا نووية، بالإضافة إلى نقل مخزون اليورانيوم إلى دولة أخرى. وهي نقاط تحتاج إلى مفاوضين يتمتعون بـ”نفس طويل” نظرًا لتعقيداتها الفنية.
وتابع ياسين أن روسيا والصين تتفقان من حيث المبدأ مع هذه المطالب، لكنهما لا تتدخلان بشكل مباشر، التزامًا بقواعد التعاون الاستراتيجي مع طهران.
من جانبه، يؤكد الخبير في العلاقات الدولية الدكتور عمرو حسين أن أي محادثات بطبيعتها تتضمن فرض رؤى متباينة وأوراق ضغط، لكن ما جرى في روما ومسقط وما سيجري لاحقًا، يندرج ضمن ممارسة “الضغط الأقصى”، الذي يتضمن التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ما يدفع طهران لا محالة نحو التفاوض وفق شروط ترامب.
وأوضح حسين، أن ترامب يهتم بالإحاطة الكاملة بالأجواء والتفاصيل الدقيقة للمحادثات، ومدى تأثير تصريحاته الإعلامية السابقة واللاحقة، قبل اتخاذ قرار استكمال المحادثات أو تصعيد الموقف بالتصعيد العسكري، لإجبار طهران على تقديم تنازلات في الملفات الخلافية، خصوصًا ما يتعلق بمطالبها التي لا يمكن تحويلها إلى شروط تفاوضية صريحة.
ويرى حسين أن ترامب يسعى لتقديم نفسه على أنه الرئيس الذي استطاع إخضاع إيران، في الوقت الذي فشل فيه بايدن وأوباما، وكذلك القوى الأوروبية، في ذلك رغم العقوبات والضغوط الطويلة.
وأشار إلى أن تمسك طهران بوساطة أوروبية، واستمرارها في التنسيق مع روسيا والصين، لا يزال قائمًا، على أمل تخفيف حدة الشروط الأمريكية الصارمة، وكسب بعض الحوافز الاقتصادية، ولا سيما في ما يتعلق برفع العقوبات.
ورجّح حسين أن أبرز النقاط المطروحة في المحادثات غير المباشرة تتعلق بالتزامات إيران بنسب تخصيب لا تسمح بإنتاج قنبلة نووية، وتخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي إلى النصف، من نحو 10 آلاف جهاز إلى 5 آلاف، وفقًا لما هو مُسجل لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في ظل مزاعم إيرانية بامتلاك عدد أكبر.
وأشار إلى أن من بين النقاط الخلافية المتوقعة، مدة الاتفاق؛ إذ تطرح طهران أن يكون الاتفاق مؤقتًا لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد 3 سنوات أخرى في حال رفع العقوبات بالكامل، في حين تصر واشنطن على اتفاق طويل الأمد يصل إلى 25 عامًا.