16.1 C
Amman
الخميس, نوفمبر 13, 2025
spot_img
الرئيسيةالمانشيتالدكتور عمر السواعدة ينشر بحثاً بعنوان "الهوية الأردنية في عيون الكتاب الأمريكان...

الدكتور عمر السواعدة ينشر بحثاً بعنوان “الهوية الأردنية في عيون الكتاب الأمريكان “

المستقل – نشر الباحث الدكتور عمر كامل السواعدة بحثاً بعنوان ” الهوية الاردنية في عيون الكتاب الامريكان ” ، وتضمن البحث (11) محوراً تناولت موضوع الهوية الاردنية بشكل مفصل وموضوعي .

وتالياً البحث :

المحاور

 المقدمة

– ليندا لاين وسؤال السيادة: حين تصبح الهوية رهينة الولاء لا الانتماء .

– الهويات المتصدعة: عندما تتحوّل القيم إلى معايير إقصاء .

– الهوية الأردنية: من التأسيس التاريخي إلى تحديات الإزاحة الرمزية .

– بين السيادة والانتماء: أسس المفهوم الوطني وضرورات التحصين.

– تمايزات جوهرية: بين نموذج مهدد بالانقسام وآخر مهدد بالإزاحة.

– الهوية والرمز السيادي: القيادة الهاشمية كركيزة للتماسك الوطني.

– الهوية كأداة خطاب وسياسة: جدل التوظيف الإعلامي والمؤسسي.

– بين الحلم الأميركي والانخلاع الطوعي: الهويات التي تفرّغ ذاتها من داخلها .

– الهوية كسيادة لا كمساومة – قراءة في الحالتين الأميركية والأردنية.

– توصيات استراتيجية: تثبيت الهوية التاريخية الأردنية كركيزة سيادية .

– من هو الأردني

– الخاتمة.

المقدمة : 

تشكّل مسألة الهوية القومية اليوم أحد أعقد ملفات النزاع السياسي الرمزي في العالم، حتى في المجتمعات التي طالما اعتبرت نماذج راسخة للديمقراطية والاندماج الوطني. فالولايات المتحدة الأميركية، التي قدّمت طويلا بوصفها دولة “الأفكار الكبرى” لا “الأنساب الضيقة”، باتت تواجه أزمة بنيوية في تعريف “من هو الأميركي؟”، وهي أزمة لم تبق حبيسة أوساط الفكر أو العلوم السياسية، بل تمدّدت إلى الإعلام، والثقافة، وسلوك الناخب، ومواقف الشركات، وحتى نبرة اللغة المستخدمة في الحياة اليومية. في هذا السياق، يعود الأكاديمي روبرت غريفيث (Robert Griffith) في مقاله المنشور عام 2021 بعنوان “ما هي الهوية الأميركية ولماذا تهم؟” (What Is American Identity and Why Does It Matter?) ، ليؤكد أن الفكرة التقليدية للهوية الأميركية – القائمة على “العقيدة الأميركية” (American Creed) التي وضع أسسها الاقتصادي السويدي غونار ميردال (Gunnar Myrdal) في كتابه “المعضلة الأميركية” (An American Dilemma, 1944) – لم تعد قادرة على احتواء التفجر العرقي والديني والسياسي الحاصل. الهوية التي كانت تتفاخر بأنها فوق العرق والدين، تستيقظ الآن على انقسام حاد بين الأميركي الأبيض الذي يعرّف نفسه أولا كأبيض لا كمواطن، وبين أجيال جديدة ترى في التنوع والاختلاف أصلا لا تهديدا.وفي هذا الإطار، يقدّم الباحث راين دوكنز (Ryan Dawkins) من أكاديمية سلاح الجو الأميركية، في دراسته “هوية أميركية واحدة، ولكن بمعنيين متناقضين” (One American Identity, Two Distinct Meanings)، تحليلا سوسيولوجيا بالغ الدقة لانقسام الهوية القومية إلى تصورين متضادين: الأول، اصولي محافظ يرى في البياض والمسيحية والولاء الثقافي عناصر الانتماء “الحقيقي”، والثاني، مدني تعددي يرى في القيم الديمقراطية – لا في الأصل – المحدد الوحيد للمواطنة. ويعزز هذا الطرح الباحثة فيبي بوي (Phoebe Bui) في مقالتها المعنونة “من هو الأميركي؟” (Who Is American?) ، حين ترصد كيف أصبحت مفردة “أميركي” محل اشتباك يومي في الإعلام والسياسة، إذ يعاد تعريفها حسب الطبقة والانتماء الحزبي والموقع الثقافي.

ما يلفت في هذا النقاش أنه لم يعد حكرا على الدراسات النظرية، بل تجاوزه إلى السياسات العامة. ففي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إيبسوس (Ipsos) بالتعاون مع “إن بي آر” (NPR) عام 2021، تبين أن غالبية الأميركيين غير البيض (السود، اللاتينيون، الآسيويون) ما زالوا يرون في “الحلم الأميركي” وعدا قابلا للتحقق، بينما يشعر الأميركي الأبيض أن “الأمة تسلب منه”، كما لو أن انتماءه مهدّد بدخول آخرين في نادي المواطنة.

ومن هنا، فإن التساؤل حول “من هو الأميركي؟” لم يعد سؤالا فلسفيا أو حقوقيا، بل بات سؤالا سياديا. وإذا كانت أميركا – بأدواتها الدستورية وعتادها المؤسساتي – تعجز عن تثبيت سردية جامعة للهوية، فإن السؤال الأخطر يطرح نفسه في دول مثل الأردن: ماذا يعني أن نكون أردنيين اليوم؟ من يحق له تعريف هذه الهوية؟ وكيف نمنع انفراطها في لحظة إقليمية ضاغطة وسياسات دولية تضغط لتسييل المعنى الوطني باسم الحقوق والتعددية؟ ذلك ما تسعى هذه المقارنة إلى تفكيكه، لا من باب التشابه الساذج، بل من باب التحذير السيادي.

ليندا لاين وسؤال السيادة: حين تصبح الهوية رهينة الولاء لا الانتماء

تناولت ليندا ل. لاين (Linda L. Layne) في كتابها المرجعي “الوطن والمنزل: جدليات الهوية القبلية والوطنية في الأردن” (Home and Homeland: The Dialogics of Tribal and National Identities in Jordan)، جدل الهوية في الأردن عبر عدسة القبيلة والدولة، مركّزة على كيفية صوغ الانتماء الوطني من خلال الولاءات الأولية، لا عبر سردية وطنية مهيمنة. ولئن قدّمت لاين تحليلا ميدانيا غنيا للهوية الأردنية، إلا أنها – كما لاحظنا في مراجعة سابقة – تتغافل عن حقيقة أنّ الهوية الوطنية الأردنية ليست بناء مفروضا على مجتمع مفكك، بل نتاج مؤتمر وطني تاريخي مارس سيادته التأسيسية بإرادته، لا بوصاية استعمارية ولا بعقيدة هجينة.

في تحليلات لاين، يظهر الأردني “كابن قبيلة” أولا، ثم كمواطن لاحقا، وكأن هويته الوطنية محض تراكم سياسي فوق بنية اجتماعية سابقة. هذا التصور يغفل عن التفاعل الديناميكي بين البنى الاجتماعية والدولة الأردنية التي – منذ التأسيس – صنعت نموذجا خاصا من التماهي بين الشرعية السياسية والانتماء المحلي، ما أنتج هوية ذات طابع سيادي، لا تعاقدي فحسب.

هذا التمييز بين “الهوية السيادية” و”الهوية المدنية” هو ما يغفل في كثير من الأدبيات الأميركية عند الحديث عن الهوية. ففي أميركا، الهوية تبنى على نمط الحياة، الحرية، والفردانية؛ أما في الأردن، فهي تبنى على الشرعية، السردية التاريخية، والانتماء إلى مشروع سياسي متجاوز للجغرافيا والطائفة والقبيلة.

لذلك، فإن ما تراه لاين كتنافر بين الهوية العشائرية والهوية الوطنية ليس تناقضا، بل هو – في السياق الأردني – اندماج تأسيسي وظيفي، أسّس الدولة نفسها. التحدي الحقيقي لا يكمن في تجاوز “القبيلة” بل في منع تسييل “الهوية الأردنية” إلى صيغة بيروقراطية بلا محتوى سيادي.

ربط هذا بتحليل الهويات في السياق الأميركي يظهر مدى خطورة فصل الهوية عن السيادة، لأن النتيجة الحتمية لذلك هي ظهور أفراد يعرّفون أنفسهم فقط وفق ما يقدمه لهم السوق أو الحزب أو الرغبة في القبول المجتمعي – كما رأينا في حالات “بعض” الفلسطينيين المنخلعين طوعا من هويتهم – وهو ما يجعل الهوية قابلة للابتلاع الخارجي أو التفكك الداخلي.

الهويات المتصدعة: عندما تتحوّل القيم إلى معايير إقصاء

في قراءته التحليلية، يربط راين دوكنز (Ryan Dawkins) بين التحولات الديموغرافية في الولايات المتحدة والتغير في إدراك الجماعات لنفسها ولغيرها، مؤكدا أن الانقسام الهوياتي ليس فقط في الخطاب، بل في الشعور الجمعي بماهية الوطن. ففي مقاله “هوية أميركية واحدة، ولكن بمعنيين متناقضين” بين كيف أن الأميركيين أصبحوا يعرّفون أنفسهم ضمن مجموعات مغلقة، كل منها تدّعي تمثيل “الأميركي الحقيقي”، مما أدى إلى نشوء تصورين متوازيين ومتضادين: أحدهما ناتج عن الامتياز العرقي والديني والثقافي، وآخر يعكس التعددية والمواطنة بالقيم. وهنا تحديدا تتبدى أزمة “المعيارية”، أي عندما يعاد تعريف الوطنية بمقاييس إقصائية: من هو الأكثر أهلية؟ من يملك الحق بأن يكون نموذجا للأمة؟

هذا الاشتباك النظري يعيدنا إلى أطروحة إليزابيث ذيس-موريس (Elizabeth Theiss-Morse) في كتابها “من يعتبر أميركيا؟” (Who Counts as an American?) ، حيث تبيّن أن النموذج البروتوتيبي للمواطن في المخيال الجمعي الأميركي هو: رجل، أبيض، مسيحي، محافظ، كبير في السن. من لا ينتمي إلى هذا النموذج يعامل لا شعوريا – وأحيانا صراحة – كمواطن ناقص. وفي استقصائها، تبيّن أن “المعرفين الأقوياء بالهوية الأميركية” (Strong Identifiers) أكثر استعدادا للتضحية من أجل البلاد، لكنهم في الوقت ذاته أكثر ميلا لاستثناء فئات كاملة من تعريف “الأميركي الحقيقي”، وهو استثناء يتخذ بعدا سياسيا واضحا، حيث يصبح كل غير أبيض، أو ليبرالي، أو غير مسيحي، خارج دائرة الشرعية الوطنية.

هذا النمط من الانغلاق الهوياتي، الذي يوازيه في الأردن شكل من أشكال الانغلاق القبلي أو الجهوي أو حتى السياسي، يشير إلى خطورة غياب تعريف جامع ومنضبط للهوية الوطنية. وكما في الولايات المتحدة، فإن الخطر لا يكمن في التعدد بحد ذاته، بل في الفوضى الناتجة عن التعدد غير المنضبط، حين يتحول إلى مواجهة صفرية على “حق تمثيل الأمة”.

الهوية الأردنية: من التأسيس التاريخي إلى تحديات الإزاحة الرمزية

في مقابل تعقيدات المشهد الأميركي، تأتي الحالة الأردنية بهوية تأسيسية قامت منذ نشأتها على الارتكاز إلى ركيزتين: الأولى، شرعية الدولة–الوطن التي تبلورت في المؤتمرات الوطنية في العشرينيات من القرن الماضي، حيث عبّرت العشائر الأردنية وممثلو الفئات الاجتماعية عن مشروعهم السياسي في ظل الاحتلال البريطاني؛ والثانية، شرعية القيادة الهاشمية التي صاغت مع المجتمع المحلي مفهوم “الأردن” ككيان سيادي في إقليم مضطرب. على عكس الأطروحات التي تتعامل مع الأردن كمنتج استعماري مصطنع، فإن رواية الهوية الأردنية التاريخية تظهره كمشروع سياسي-قبلي متفاعل، لا كاختراع فوقي. وهنا تظهر فجوة في أعمال ليندا لاين (Linda L. Layne) في كتابها “الوطن والمنزل: جدلية الهويات القبلية والوطنية في الأردن” إذ تركز على التوتر بين الهوية القبلية والمنطق الوطني دون الالتفات الكافي إلى الدور التأسيسي الذي لعبته العشائر في صياغة الخطاب الوطني الأردني منذ ما قبل قيام الإمارة وحتى الاستقلال.

خطورة الطرح الذي يختزل الهوية الأردنية في الانتماءات القبلية دون الاعتراف بالدور السيادي والمؤسسي للعشائر يكمن في أنه يعيد إنتاج خطاب دولي مشبوه، يسعى لتصوير الأردن كدولة غير مكتملة، لا تملك قاعدة انتماء متماسكة. في الواقع، ما يغفل كثيرا هو أن الهوية الأردنية سبقت الدولة بمراحل من خلال الحراك السياسي والاجتماعي الذي رافق الصراع مع الاستعمار، وأنتج لاحقا نموذجا متفردا من الدولة–المجتمع.

لكن، كما في الولايات المتحدة، تعرّضت الهوية الوطنية الأردنية في العقود الأخيرة لمحاولات إزاحة رمزية عبر تسييل مفهوم “الأردني” ليشمل كل مقيم، بمعزل عن التاريخ والارتباط العضوي بالكيان الوطني. ومثلما شكّلت موجات الهجرة والتحولات الديموغرافية في أميركا تهديدا لهوية البيض المحافظين، فإن الضغوط السياسية والديموغرافية – وخاصة تلك المتعلقة باللجوء الفلسطيني والسوري – فتحت الباب لخطابات أممية تتجاوز المحددات السيادية للهوية الأردنية، ما يجعل إعادة تثبيت هذا التعريف ضرورة استراتيجية لا مجرد نقاش ثقافي.

بين السيادة والانتماء: أسس المفهوم الوطني وضرورات التحصين

في كل من التجربتين الأميركية والأردنية، يتكشّف البعد السيادي للهوية الوطنية بوصفه جوهرا لا يمكن تجاوزه في تعريف الانتماء. فكما أظهرت دراسات روبرت غريفيث (Robert Griffith) المشار لها أعلاه، فإن تقويض الهوية يفتح المجال لتآكل مفاهيم المواطنة والانتماء المتبادل، خصوصا حين تصبح الجماعات العرقية والسياسية تعرّف نفسها على حساب المجموع. هذا التهديد البنيوي ليس خاصا بالولايات المتحدة، بل يمكن إسقاطه مباشرة على الحالة الأردنية، حيث تطرح الهوية الوطنية أحيانا وكأنها كيان قابل للتفاوض أو إعادة التشكيل ضمن حسابات سياسية داخلية أو إقليمية.

لكن ما يغفله كثير من صنّاع القرار والنخبة هو أنّ الهوية ليست مسألة رمزية أو ثقافية محضة، بل هي، كما تظهر في تحليل دوكنز وذيس-موريس، نظام سيادة خفي يحدد من يملك الحق في تحديد المصير، ومن يعتبر شرعيا في دوائر القرار. في الحالة الأردنية، إن غموض تعريف “من هو الأردني” يفتح الباب لاختراق المفهوم من جهات خارجية، ويضعف موقع الأردن في أي تسوية إقليمية محتملة، لأنه يترك أهم أوراقه – أي هويته – رهينة للضغوط الدولية.

تؤكد الدراسات الأميركية أن الهوية حين تتحوّل إلى ساحة صراع مفتوح تفقد قدرتها على إنتاج تماسك داخلي أو تمثيل خارجي. وإذا كانت المؤسسات الأميركية الصلبة قادرة على امتصاص هذا الانقسام، فإن البنية السيادية الأردنية – التي تعتمد على التلاحم المجتمعي والشرعية التاريخية أكثر من مؤسسات مادية راسخة – تكون أكثر هشاشة أمام زلازل الهوية. لذلك، فإن إعادة تثبيت تعريف سيادي للهوية الأردنية، يستند إلى تاريخها التأسيسي وشرعيتها العضوية، يصبح أولوية استراتيجية لا مجرد ترف فكري.

تمايزات جوهرية: بين نموذج مهدد بالانقسام وآخر مهدد بالإزاحة

رغم التشابه الظاهري بين التجربتين الأميركية والأردنية من حيث الجدل حول الهوية، فإن الفروقات الجوهرية بين السياقين تبرز تفاوتا حادا في مصدر التهديد، وأثره، ومآلاته. في الولايات المتحدة، كما أوضح رايان دوكنز (Ryan Dawkins) نشأ الانقسام الهوياتي من داخل النموذج نفسه، حين تصادمت عقيدة “الأميركي النموذجي الأبيض المسيحي” مع الواقع الديموغرافي المتحوّل والمطالبة بالتعددية. وهذا الانقسام، وإن بدا وجوديا، إلا أنه يدار داخل منظومة مؤسساتية قوية تمتص الصراع وتعيد إنتاجه ضمن اللعبة السياسية.

أما في الحالة الأردنية، فالتهديد لا يأتي من الداخل الهوياتي بقدر ما يأتي من خارجه، عبر محاولات إقليمية ودولية لإعادة تعريف الانتماء الوطني خارج سياقه التاريخي. وهنا يكمن جوهر التمايز: فبينما الولايات المتحدة تخشى التفكك الداخلي نتيجة الاستقطاب الهوياتي، يخشى الأردن الإزاحة الكاملة لهويته السيادية لصالح نماذج أممية أو تسويات إقليمية تنزع عن الهوية معناها السيادي.

إن فشل أميركا في الحفاظ على مفهوم موحد لـ “من هو الأميركي” – كما بيّنت دراسة فوبي بوي (Phoebe Bui) في تحليلها لخطابات المواطنين حول هويتهم (How Americans Define “Real” Americans, 2022) – أدّى إلى فرز حزبي–ثقافي صارم. الجمهوري المحافظ يرى في الأميركي شخصا أبيض، متدينا، من أصول أوروبية؛ بينما الديمقراطي التقدمي يوسّع التعريف ليشمل كل من يتبنى القيم الليبرالية. هذه الثنائية، رغم تعقيدها، لا تهدّد وجود الدولة الفيدرالية نفسها، لكن في الأردن، حيث الهوية الوطنية هي العمود الفقري للشرعية السياسية، فإن أي محاولة لتفكيكها أو إعادة تدويرها تعد تهديدا وجوديا.

وعليه، فإن المقاربة الأردنية يجب أن تكون أشدّ وعيا للمآلات: فلا مجال لتجريب صيغ هوياتية فضفاضة على حساب الهوية السيادية، ولا مفرّ من تثبيت معادلة الانتماء على أساس الولاء للدولة، التاريخ، والرمز، لا على قاعدة الإقامة أو الحقوق القانونية فقط.

الهوية والرمز السيادي: القيادة الهاشمية كركيزة للتماسك الوطني

في السياق الأردني، لا يمكن فصل الهوية الوطنية عن الرمز السيادي المتجسّد في القيادة الهاشمية، التي مثّلت منذ تأسيس الدولة محورا جامعا بين المكوّنات العشائرية، الحضرية، واللاجئة. هذه الصيغة الخاصة التي تشكّلت من خلال المؤتمرات الوطنية في عشرينيات القرن الماضي، لم تكن نتاج عملية بيروقراطية أو تدوير نخبوي، بل كانت تعبيرا مباشرا عن وعي سياسي تاريخي بهوية متطورة ومستنسخة عن الولاء للعشيرة، الذي تحول بفعل العقل الجمعي الأردني الى ولا للوطن.

هذا التوازن بين الانتماء السيادي والانفتاح الديموغرافي، هو ما أهملته الكاتبة ليندا لاين، فرغم أهميته الإثنوغرافية، وقع تحليل لاين في مأزق افتراض الانفصال البنيوي بين الهوية العشائرية والهوية الوطنية، متجاهلا كيف أن الهوية الأردنية تشكّلت تاريخيا في رحم العشائر، لا في تناقض معها، كما وثّق ذلك الحضور العشائري في مجلس الأمة، الجيش، والبيروقراطية.

الأهم من ذلك، أنّ الطرح الذي تتبناه لاين يعيد إنتاج نمط استشراقي يرى في المجتمعات العربية كيانات قبل–دولتية، تستعير الدولة كقشرة لا تمتلك مضمونا سياديا حقيقيا. وهو ما يسقط من التحليل حقيقة أن الهوية الأردنية لم تكن رد فعل على الاستعمار، بل نتاج مشروع تأسيسي قائم على شرعية الثورة العربية الكبرى، وعلى دمج اجتماعي–سياسي فريد تمكّن من احتواء أزمات اللجوء دون تفكك الكيان.

إن الحفاظ على هذا الاتزان التاريخي يتطلب اليوم إعادة تفعيل مفهوم “الهوية التاريخية الأردنية” كمفهوم سيادي لا يساوم عليه، في مواجهة تصاعد أصوات تريد تعويم الهوية لصالح نماذج إقليمية هجينة، أو اختزالها في بعدها القانوني فقط. فكما تظهر التجربة الأميركية، فإن اختلال العلاقة بين الرمز والهوية يفتح المجال لانقسام لا يمكن احتواؤه إلا بثمن سيادي باهظ.

الهوية كأداة خطاب وسياسة: جدل التوظيف الإعلامي والمؤسسي

في الولايات المتحدة، تحوّلت الهوية إلى حقل صراع رمزي تخوضه وسائل الإعلام، الأحزاب، والشركات. لقد أبرزت استطلاعات “إيبسوس/نيوز أورغ” (Ipsos/NPR 2021) أن الانقسام حول تعريف “من هو الأميركي الحقيقي” لم يعد مجرّد اختلاف أكاديمي، بل أصبح محددا لسلوك انتخابي، استهلاكي، وثقافي. الشركات الكبرى – كما تظهر ورقة “تطور الهوية الأميركية” (The Evolution of the American Identity) – وجدت نفسها مضطرة لأخذ موقف من قضايا العرق والعدالة الاجتماعية. فبينما 54% من الأميركيين السود يفضّلون الشركات التي تتخذ مواقف واضحة ضد العنصرية، فإن 67% من الأميركيين البيض يرغبون ببقاء الشركات على الحياد. الهوية هنا لم تعد مجرد مرآة لقيم المجتمع، بل باتت أداة تدار وفق منطق السوق والاستقطاب.

وفي الأردن، لم يكن الخطاب الرسمي حول الهوية بعيدا عن التوظيف السياسي، لكن الفارق أن البنية الرمزية للهوية ما تزال مرتبطة بمفاهيم تتجاوز السوق والحزب. فالهوية الأردنية، في الإعلام والسياسات العامة، لا تزال تقدّم بوصفها استمرارية تاريخية من المشروع العربي الهاشمي، وليست مجرد بنية قانونية أو سردية مدنية. ومع ذلك، فإن السنوات الأخيرة شهدت محاولة لإعادة تعريف “الهوية الجامعة” ضمن مقاربات أقرب إلى النموذج الليبرالي، مما أثار تخوفات من “تمييع” مضمون الهوية التاريخية.

هذا التوتر بين الهوية كأداة سيادية والهوية كخطاب دمج، خلق ارتباكا في السياسات التعليمية، الإعلامية، وحتى التشريعية. ففي حين تقرّر الدولة الحفاظ على الخصوصية التاريخية للهوية الأردنية، تعود أحيانا لتتحدث عن “هوية جامعة” لا مرجعية تاريخية لها. هذه المفارقة تعيدنا إلى تجربة أميركا، حيث توسعة مفهوم الانتماء من دون أسس سيادية، أدى إلى انقسام شعبي حول “من يملك الحق في تمثيل الأمة”، وهو سؤال خطير في دولة لم تتجاوز تهديد الإحلال الديموغرافي.

وهكذا، فإن كلّ مقاربة للهوية – سواء في الإعلام أو السياسات العامة – يجب أن تنطلق من وعي بأن الهوية ليست “قيمة أخلاقية مجردة”، بل هي بنية سيادية، وأن أي تفكيك لها من دون إطار سيادي بديل هو بالضرورة مدخل لانقسام أو إحلال.

بين الحلم الأميركي والانخلاع الطوعي: الهويات التي تفرّغ ذاتها من داخلها

في الولايات المتحدة، كما اشارت ورقة “تطور الهوية الأميركية” (The Evolution of the American Identity 2021)، فإن العديد من الأميركيين غير البيض باتوا يعرّفون انتماءهم الوطني لا من خلال العرق أو الجذور، بل عبر منظومة من القيم الفردية التي تجعل من “الأمل” و”التحسن” و”تحقيق الذات” علامات على الهوية الأميركية الجديدة. هذا التحول ليس مجرد تكيّف، بل ممارسة واعية لتحرير الذات من قيد الجماعة أو الماضي، بما يسمح بخلق هوية مدنية قادرة على التنافس والنجاة في فضاء السوق والدولة.

لكن حين يستنسخ هذا النموذج في السياق الأردني–الفلسطيني، يصبح الأمر أكثر تعقيدا وخطورة. إذ يلاحظ أن جزءا من الفلسطينيين في الأردن (من دون تعميم تعسفي أو وصم جماعي) لا يجبر على الانسلاخ من هويته، بل هو من يبادر طوعا إلى خلع ذاته من هويته الفلسطينية النضالية–السياسية التي ارتبطت عبر قرن كامل بحق العودة، وفي ذات الوقت يرفض الالتحاق بالهوية الأردنية كمظلة سيادية مدنية محضة تمثل مشروعا سياديا ممتدا من الهوية التاريخية التأسيسية والمجال التاريخي الهاشمي.

هذا الانخلاع المزدوج ليس ناجما عن قسر سلطوي، بل عن اختيار فردي–جماعي يمارس ضمن بيئات ثقافية ومدينية واجتماعية ترى في “التحرر من كل هوية” طريقا للنجاة أو الترقّي. وهنا يكمن مكمن الخطر: فبينما يتعامل الأميركي غير الأبيض مع هويته كعقد اجتماعي يجلب له مكاسب مادية–مدنية، يميل الفلسطيني المنخرط في هذا السياق إلى تفريغ هويته من محتواها السياسي والتاريخي، دون أن يعوّض ذلك بهوية جديدة قادرة على تقديم حماية أو تمثيل، معلقا: لا هو جزء من سردية فلسطينية نضالية، ولا هو متماه بالكامل مع دولة لا ترفض التعامل مع هويته بطريقة انسانية. إنّ ما يمارسه الفلسطيني هنا، طوعا، هو إعادة إنتاج لـ “أوسلو” اجتماعية غير مكتوبة: تسوية رمزية تقوم على فك الارتباط مع الذاكرة، والقبول بالواقع، والبحث عن موطئ قدم في هوامش هوية أخرى، لا في مركزها.

الهوية كسيادة لا كمساومة – قراءة في الحالتين الأميركية والأردنية

في ضوء التحليل المقارن، تتبدّى ملامح فرز واضح بين هوية تبنى على فكرة الأصل السيادي والمؤسس – كما في الحالة الأردنية – وأخرى تختزل إلى عقد مادي فضفاض يتغيّر وفق المصالح والموجات الثقافية، كما في التجربة الأميركية الليبرالية الحديثة. فبينما كان يفترض أن تضمن العقيدة الأميركية نوعا من الوحدة الفكرية والحقوقية، كشف الواقع السياسي–الاجتماعي عن أن هذه العقيدة قد انشطرت إلى هوية نسبية لا معيار فيها سوى الراحة النفسية والانتماء القيمي الذاتي، وهو ما يفسّر ظهور خطاب “من هو الأميركي الحقيقي؟” في دراسات رايان دوكنز (Ryan Dawkins) وفويبي بوي (Phoebe Bui) وغيرهما.

في المقابل، الهوية الأردنية ليست تعاقدا لحظيا، بل تشكّلت عبر المؤتمرات الوطنية الأولى، ورافقت نشأة الدولة، وكانت وما تزال التعبير العضوي عن مشروع سياسي وثقافي تراكمي، لا رد فعل ظرفي. إن كل محاولة لفك هذا التراكم – كما تفعل “الهوية الجامعة” – تمثل خروجا عن السردية المؤسسة، وتفتح المجال لإدماج قسري أشبه بمنطق الديمقراطيين الأميركيين الذين يساوون بين الجميع باسم القيم المجردة، لكنهم عمليا يجرّدون الجماعات المؤسسة من خصوصيتها، ويحوّلون الهوية إلى بطاقة عضوية لا أكثر.

الفلسطيني في الأردن (دون تعميم) – حين ينخرط في سردية جديدة تخلي موقعه التاريخي–السياسي في القضية وتجعله مرآة للمستوطن لا للمنفي – إنما يخسر هويته المزدوجة دون أن ينتج بديلا سياديا يحميه. هذه الانخلاعات لا تمسّ الهوية الفلسطينية فحسب، بل تهدّد التوازن الداخلي في الأردن وتفتح بابا غير شرعي لتطبيع مفاهيم سياسية تسعى إلى تقويض فكرة العودة والانتماء الأصلي.

الهوية الوطنية ليست تجربة ثقافية حيادية، بل هي مؤسسة للسيادة ومحدد للمشروع الوطني. والرهان على “هوية جامعة” بلا ذاكرة، هو تماما كمن يطرح “أميركا بلا أصول”: قد ينتج مجتمعا تعدديا شكليا، لكنه حتما يفضي إلى فراغ رمزي وانقسام مزمن. وعليه، فإن حماية الهوية التاريخية الأردنية ليست عملا مضادا للتعدد، بل ضمانة ألا يتحول التعدد إلى وسيلة تفتيت.

توصيات استراتيجية: تثبيت الهوية التاريخية الأردنية كركيزة سيادية

تأصيل الهوية التاريخية في المناهج التعليمية: يجب إعادة بناء المنظومة التعليمية حول رواية الدولة التي تؤكد أن الأردن لم يكن وليد صدفة جغرافية أو سياسية، بل نتاج نضال اجتماعي عشائري–وطني تراكمي. وينبغي للمناهج المدرسية والجامعية أن تربط بين المؤتمرات الوطنية الأردنية الأول، وصعود القيادة الهاشمية، والتأسيس الإداري–القانوني للدولة، بوصفها جميعا تعبيرات عن هوية تاريخية سيادية أردنية متجذّرة، لا منتجا عابرا لاتفاق سياسي دولي.

استعادة السردية الرسمية في الخطاب العام: ينبغي للخطاب الرسمي أن يتوقّف عن تعويم مفاهيم فضفاضة من نوع “الهوية الجامعة”، وبدلا من ذلك، أن يستعيد لغته التاريخية الواثقة التي تصف الأردن كهوية مؤسسة سابقة على الدولة، لا لاحقة لها. على الإعلام الرسمي أن يتبنّى مصطلحات واضحة: “الهوية الأردنية التاريخية”، “السيادة الوطنية الأصيلة”، “المكون العشائري–الوطني”، وليس “مكون عشائري” والتوقف عن انتاج استعارات وظيفية أو إدارية كـ “الشراكة المجتمعية”.

بناء ثقافة سياسية محصّنة ضد التطبيع الهوياتي: ينبغي تطوير سياسات ثقافية مقاومة لفكرة أن الفلسطيني في الأردن يجب أن يختار بين “الانخلاع” من هويته الفلسطينية و “الذوبان” في هوية جامعة بلا تاريخ. او أن يستمتع بمواطنة قانونية كاملة ويحافظ على اتصاله التاريخي بهويته الموقرة. يجب أن تخلق بيئة تسمح بالحفاظ على الروح النضالية للهوية الفلسطينية دون المساس بالبنية السيادية للهوية الأردنية، الفصل بين الهوية والمواطنة لا بوصفهما نقيضين، بل كأطر مستقلة متجاورة لا تذيب إحداها الأخرى.

ترشيد الخطاب الليبرالي عبر الضبط الدستوري والثقافي: تجربة الولايات المتحدة في تفكيك مفهوم الهوية الوطنية تحت ضغط الليبرالية الثقافية تقدم نموذجا تحذيريا. عليه؛ يجب ترشيد الخطاب الحقوقي والسياسي الأردني بعدم السماح لتحالفات نفعية أو سرديات غير تاريخية بأن تصوغ مضامين الهوية. لا ينبغي للدستور أن يعدّل أو يفسّر في اتجاهات تسيّس الهوية، بل يفترض به أن يبقى مرجعا ثابتا في توصيف الأردني من منظور سيادي وتاريخي لا وظيفي.

إطلاق مشروع ثقافي وطني مضاد للميوعة الهوياتية: يلزم إنشاء مؤسسات ثقافية–فكرية تعنى بتوثيق سرديات الهوية الأردنية كما تشكّلت عبر المجال العشائري، النضال الوطني، الدور التأسيسي للمؤتمرات الوطنية، وبناء الدولة. يجب دعم الإنتاج المعرفي والفني الذي يعكس هذا المسار، وعدم الاكتفاء بردّات فعل ظرفية على خطابات “الهوية الجامعة”. المطلوب هو إنتاج سردية هجومية لا دفاعية، وبناء ذاكرة وطنية على الأسس السيادية لا على أساس نزع الخصوصيات.

من هو الأردني

وكما تساءل عدد من الباحثين الأميركيين المعاصرين – من أمثال روبرت غريفيث (Robert Griffith)، وراين دوكينز (Ryan Dawkins)، وفويبي بوي (Phoebe Bui) – عن سؤال “من هو الأميركي؟”، وارتبكوا أمام موجات التعدد والتحولات الديموغرافية وتسييس الانتماء، فإن الجواب في الحالة الأردنية يجب أن يكون صريحا، قاطعا، وغير قابل للمزايدة أو الالتفاف القانوني.

فـ”الأردني”، من حيث الهوية السيادية–التاريخية، هو كل من ثبت أنه من أبوين عثمانيين كانا يقيمان إقامة دائمة في إمارة شرق الأردن عام 1921، أي في لحظة التأسيس الأولى للكيان السياسي الأردني. أما “الأردني” من حيث المواطنة القانونية–المدنية، فهو كل من يحمل الرقم الوطني وفق القانون، دون أي استثناءات أو تسويات التفاف.

هذا التفريق ضروري، لا للتمييز أو النفي، بل لضبط حدود الهوية كركيزة للسيادة، والمواطنة كنظام للحقوق والواجبات. إذ لا يمكن اختزال الهوية الأردنية إلى وثيقة أو عقد سياسي، تماما كما لا يجوز توسيعها دون مرجعية تاريخية تؤسس شرعية الانتماء.

ختاما؛

لقد بات واضحا أن سؤال الهوية – سواء في الولايات المتحدة أو في الأردن – لم يعد سؤالا ثقافيا صرفا، بل صار اختبارا سياسيا للأمن الوطني والبقاء السيادي. ففي أميركا، حيث الدولة أقوى من الهوية، تمكّنت البلاد من امتصاص التحولات الديموغرافية والسياسية، ولو على حساب التفكك القيمي والانقسام الرمزي. أما في الأردن، فإنّ الهوية هي الدولة. إنها الإطار السيادي الذي تأسّست عليه بنية الدولة الحديثة منذ المؤتمرات الوطنية، ومبادرة العشائر، والتحالف الهاشمي–الاجتماعي الذي شكّل اللبنة الأولى للاستقلال والمؤسسات.

وبينما ينخرط الأميركيون في جدل داخلي حول “من هو الأميركي” ضمن ثنائية الليبرالي المحافظ، أو الأبيض غير الأبيض، فإن التهديد في الأردن يتجاوز الحوار إلى مشاريع تفكيك ممنهجة لهوية الأردني المؤسس. تتسلل مفردات “الهوية الجامعة” تماما كما تسللت الليبرالية الثقافية في الولايات المتحدة: عبر نزع التاريخ، وتحويل الانتماء من رابطة سيادية إلى اتفاق تعاقدي ظرفي، ومن بناء تراكمي إلى مساحة وظيفية للتفاوض.

إنّ الهوية الأردنية ليست ناتج تلاقح وظيفي بين فئات سكانية، بل هي هوية تشكّلت قبل الدولة وأسّست لها. هي سردية وطنية تتجاوز الجغرافيا الديموغرافية إلى المجال الرمزي الذي أنتج السيادة. وأي محاولة لتعويم هذا التاريخ تحت شعارات الدمج أو التسوية أو الليبرالية الحقوقية، هي في جوهرها نفي للدولة كما نعرفها.

في مقابل ذلك، على النخب الأردنية – الفكرية والسياسية والعشائرية – أن تقود مشروعا هجوميا لا دفاعيا لحماية هذه الهوية من الابتلاع. المطلوب ليس التصالح مع التعدد، بل تنظيمه ضمن سقف سيادي صلب. كما أن على الدولة أن تحسم موقفها من مشاريع “الهوية الجامعة” التي تسللت إلى الخطاب العام، لا بوصفها رؤية تطويرية، بل بوصفها نسخة محلية عن نزعة ما بعد وطنية تتجاهل حقائق الجذور وموازين الاستقرار.

وبذلك، فإن مقارنة التجربتين الأميركية والأردنية ليست تمرينا ثقافيا في علم الاجتماع السياسي، بل إنذار استراتيجي. إن أميركا قادرة على النجاة بهوية ممزقة لأنها تمسك بالسلطة المادية والرمزية. أما الأردن، فإن بقاءه السياسي مرتبط عضويا بقدرته على حماية هوية سيادية محددة: متجذّرة، مؤسسة، غير قابلة للتفكيك أو الاستعارة أو المساومة.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

اقرأ ايضا