المستقل – اجرى موقع “المستقل الاخباري” لقاء صحفي مع الدكتور احمد الرقيبات – المفكر والباحث والمحلل السياسي للاحداث التي تدور حول العالم، حيث تطرق اللقاء الى الاستفسار عن الحرب الاسرائيلية الايرانية والسؤال هل انتهت الحرب ام لا ؟.
وقال الدكتور الرقيبات في اجابته على سؤال “المستقل الاخباري” اليوم الاثنين الموافق 30/6/2025 ، لقد اثبتت دراسات التاريخ السياسي لاستراتيجيات القوى العظمى حول العالم منذ العصور الوسطى وبعد الإبحار في تحليل المخفي بين سطور صفحات التاريخ تبين ان التاريخ الاستعماري دوماً يعيد نفسه باوجهٍ جديدةٍ ومتجددةٍ. فالجديدة هي القوى العظمى التي تظهر خلال الازمات والحروب او بعدها والمتجددة هي القوى التي تصنع تلك الازمات والحروب للحفاظ على بقائها في هرم القوى العظمى ولكنها قد لا تحافظ على موقعها في رأس هرم تلك القوى .
واضاف الرقيبات ” لقد اعتادت البشرية على هذه الحال عبر التاريخ بسبب اطماع القوى العظمى في جغرافية وموقع وخيرات الدول والامم الاخرى التي تعيش على هذا الكوكب وتطمح للتعايش عليه بامن وسلام واستقرار”.
واكد الرقيبات ان الاستكشافات الجغرافية عبر العصور ادت الى توسع نفوذ القوى العظمى الاوروبية واحتلالها واستعمارها جزءاً كبيراً من العالم وشهد التنافس الاستعماري صراعات بين تلك القوى على النفوذ في اوروبا وحول العالم وخاصة في شرق ووسط اوروبا وغرب وشرق اسيا وشمال افريقيا وفي الامريكيتين وبسبب تلك الاطماع وقع ظلمٌ على شعوب ودول وأمم اخرى، لان تحقيق اهداف القوى العظمى كان دوماً يتطلب استعمار او احتلال مناطق او اجزاء من امم في الاقاليم المطموع فيها بسبب موقع تلك الدول الجيوسياسي الذي يعيق تحقيق اهداف القوى العظمى الاستعمارية.
واكمل الرقيبات اجابته قائلاً : لقد مرت اوروبا بسبب الصراع على النفوذ في الحرب العالمية الاولى التي ادت الى تقاسم دول الحلفاء المنتصرة مناطق نفوذ دول المركز التي خسرت تلك الحرب وتكرر ذلك في الحرب العالمية الثانية التي ادت الى انقسام دول العالم بعد الحرب الى معسكرين متناحرين انضمت بعض دول العالم الى المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والبعض الاخر الى المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي وعاشت جميع شعوب ودول العالم مرحلة الحرب الباردة بين المعسكرين التي استمرت منذ عام 1945 ولغاية عام 1990 وأدت الى انهيار الاتحاد السوفييتي وتبعه انهيار المعسكر الاشتراكي عام 1991 واصبحت جميع الجمهوريات السوفييتية والاشتراكية السابقة دول رأسمالية مستقلة.
واشار الدكتور الرقيبات الى انه ومنذ ذاك التاريخ اخذت الازمات تتفاقم والتغييرات تتسارع والحروب الداخلية والاقليمية تندلع في معظم اقاليم العالم ، لان القوى الامبريالية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والصهيونية العالمية تريد الهيمنة على العالم وتريد تقسيم بعض الدول وتحويلها الى ولايات امريكية خارج الجغرافيا الامريكية تكون تابعة لها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً .ان هذا الواقع ليس بجديد على احد وان هذه الاستراتيجيات وضعت منذ زمن بعيد وبدأ تنفيذ مخططاتها منذ تاسيس الحركة الصهيونية عام 1897 التي اقرت في مؤتمرها الاول هدفان رئيسيان هما :
الهدف الاول : طالبت القوى العظمى بايجاد وطناً قومياً للشتات اليهودي حول العالم
الهدف الثاني : خططت بموجبه لغزو العالم والهيمنة عليه كما اقرته الحركة في وثيقة بروتوكولات حكماء صهيون الاربعة والعشرون عام 1901 والتي نفذت جميعها ولم يبق منها الا اعلان حكم الصهيونية للعالم .
وقال الدكتور الرقيبات نعم لقد بدأ تنفيذ المشروع الصهيوني منذ ان احتضنت بريطانيا العظمى وفرنسا العائلات الثرية اليهودية في القرن الثامن عشر التي جنت ذاك الثراء من جيب شعوب اوروبا والعالم المسيحي بسبب تحريم الكنيسة الكاثوليكية التعامل بالربى على التجار المسيحيين في المجتمعات المسيحية وبات التعامل به محصوراً بالتجار اليهود الذين اصبحوا نتيجة ذلك اغنى اثرياء العالم منذ القرن التاسع عشر بعد ان طردتهم شعوب شرق ووسط اوروبا من اراضيها.
وزاد الرقيبات ، لقد التقت مصالح العائلات الحاكمة في غرب اوروبا وحول العالم مع اهداف العائلات الثرية اليهودية التي حصلت على التأييد والدعم السياسي من تلك الدول لتأسيس الحركة الصهيونية مقابل تقديم الدعم المالي للقوى الاستعمارية اثناء غزوها للامم الاخرى حول العالم وتبين ذلك في نتائج مؤتمر كامبل بنرمان عام 1907 الذي شاركت به بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكيا واسبانيا وايطاليا والبرتغال حيث صنفت تلك الدول العالم الى ثلاثة اصناف هي :
الاول : العالم المسيحي الذي يضم الدول الغربية الاستعمارية والامريكيتين واستراليا
الثاني : الدول التي ينبغي احتوائها مثل اليابان وكوريا
والثالث : الدول العربية التي اتفقت جميع الدول الاستعمارية على استعمارها بالقوة وابقائها عاجزة عن الاتحاد تحت قيادة واحدة وابقائها متفككة وجاهلة ومتناحرة كما اتفقت قيادات الحركة الصهيونية والدول الاستعمارية سراً على اقامة دولة في فلسطين بمثابة حاجز بشري قوي قريب معادي للامة العربية ويفصل الجزء العربي الافريقي عن الجزء العربي الاسيوي وتم تنفيذ ذلك كما خطط له منذ اعلان بريطانيا وفرنسا وعد بلفور المشؤوم عام 1917 اثناء الحرب العالمية الاولى وتحقق انشاء تلك الدولة بعد الحرب العالمية الثانية حين اعترفت معظم دول المجتمع الدولي باسرائيل عام 1948 .
ونوه الرقيبات الى ان كل ما جرى ويجري في الوطن العربي منذ ذاك التاريخ وحتى يومنا هذا يؤكد صحة ما يقوله عن المؤتمر آنف الذكر.
واكد ان القوى الامبريالية الصهيونية تصبوا للهيمنة على كامل الشرق الاوسط وشمال افريقيا وبعض اجزاء من شرق اوروبا واسيا بهدف اعلان حكم الحركة الصهيونية للعالم بوجه امبريالي امريكي وغربي وهذا ما يؤكد ان الحرب الاسرائيلية الايرانية لن تنتهِ وقد يقدم التحالف الامبريالي الغربي الصهيوني طعماً للجمهورية الاسلامية الايرانية كالطعم الذي اطعمته اياه عند مساعدتها في انجاح الثورة الاسلامية بين عامي 1978 – 1979 وقد تسمح لها الان باحياء برنامجها النووي كون التحالف آنف الذكر لديه هدف اكبر من ذلك وهو الهيمنة على كامل الاقليم والسيطرة على الممرات المائية فيه لمنع صادرات القوى العالمية المناهضة للتحالف الامبريالي الصهيوني من الوصول الى الاسواق العالمية.
وكشف الدكتور الرقيبات عن قناعته بان تقدم الصين تكنولوجياً واقتصادياً وعسكرياً وسيبرانياً وتقدم روسيا الاتحادية عسكرياً وتملكها اكبر مساحة في العالم تتوفر فيها الزراعة والمعادن ومصادر الطاقة التي قد تعادل نسبتها اكثر من 40% من احتياطيات باقي دول العالم ، يدفعه للقول جازماً بان القوى العظمى الرأسمالية الجديدة ستمنع التحالف الامبريالي الصهيوني من تحقيق اهدافه لا بل سنرى في القريب العاجل عالماً متزناً سياسياً وقادراً على ايجاد نظاماً اقتصادياً عادلاً ونزيه يبنى على نظرية احاول الاجتهاد في صياغتها بجملة واحدة مفيدة هي (من كلٍ حسب قدرته وابداعه ولكلٍ حسب حاجتهِ وتميزهِ) .
وتابع الرقيبات ، ان هذه النظرية المذكورة في الفقرة اعلاه ، قد توصل العالم الى بر الامان وتؤمن مستقبلاً افضل لجميع شعوب العالم وستسقط التحالف الامبريالي الصهيوني عن رأس الهرم وستعيد الطبقة الوسطى الى مكانها بين طبقات المجتمع التي تعتبر صمام الامان لجميع الانظمة السياسية حول العالم وستمكن جميع دول العالم من حل مشكلات الفقر والبطالة اذا توافقت معظم دول العالم على توحيد جميع الضرائب المطلوبة من الشخصيات الطبيعية والاعتبارية في ضريبة واحدة مقدارها 25% من صافي ارباح تلك الشخصيات .
واكد ان الرأسمالية تمرض ولا تموت وان الذي اوصلها الى ما هي عليه اليوم هي السياسات الامريكية والاسرائيلية المتطرفة التي هي عبارة عن وجهان لعملة واحدة اسمها الحركة الصهيونية التي ادخلت الرأسمالية التقليدية الى مرحلة الامبريالية التي يعتبرها علماء الاقتصاد السياسي آخر مراحل الرأسمالية وبات التغيير حتميةً تاريخية تنتظرها جميع شعوب ودول العالم وقد تكون حرب اليمين الصهيوني المتطرف على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والاعتداءات اليومية على الاراضي العربية في سوريا ولبنان واليمن والحرب الاسرائيلية الايرانية بداية النهاية لزوال النظام السياسي الصهيوني اليميني المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو المجرم النازي وبداية لانهيار النظام السياسي في الولايات المتحدة الامريكية بسبب دعمها المطلق والمستمر لدولة الكيان الصهيوني الغاصب والانظمة المشابهة له حول العالم وبدون ذلك قد تؤول الامور الى حرب عالمية ثالثة لا تحمد عقباها ولن يسلم منها شيء موجود على هذا الكوكب.