24.1 C
Amman
الإثنين, سبتمبر 29, 2025
spot_img
الرئيسيةمقالاتالفن في زمن الكورونا

الفن في زمن الكورونا

المستقل – بقلم: سناء القادري

لم يكن الفن يوما في نظري مجرد كمالية أو تسلية في هذه الحياة … بل كان أكبر من ذلك بكثير ، و طالما كنت ألجأ إليه حين أفرح أو أحزن ، حين أغضب أو أريد التعبير عن مكونات قلبي … و كبرت وهذه الفكرة في رأسي (الفن أساسي في حياتنا) ولكنني لم أدرك كيف أثبت ذلك ..! حتى جاء زمن عجيب ، و غزت الكورونا العالم ، و حوصرنا في بيوتنا وغُلقت الأبواب وهجرنا الشوارع والمراسم وحتى أماكن العمل .. وفجأة تغلغل فينا الاكتآب ليتخلل أفكارنا كشبح مخيف .. وعلامات الاستفهام القوية تشير إلى طريق مظلم النهاية !!

عندها فكرت في لوحاتي البيضاء التي ركنتها جانبا كبيرا من الوقت .. وريشتي التي جفت الألوان عليها ، وسرحت في هذه الدنيا التي اشغلتني عن هوايتي .. وفي قمة مللي وصلتني دعوة لا أنساها من الفنان “باقر نعمه” فقررت أن أشترك في معرض عشتار الدولي إلكترونيا .. وبالفعل بدأت بالرسم وانتجت اللوحة الأولى وشاركت بعدها في عدة معارض وطنية ودولية فكنت كلما رسمت لوحة انفرجت طاقات الفرح في قلبي ونسيت السجن الغريب الذي فرض علينا بسبب الكورونا اللعينة.. هنا رجعت إلى فكرتي التي طالما راودتني (لا يمكن أن يكون الفن لمجرد التسلية) عندها بدأت بالبحث عن تأثير الألوان والرسم في إزالة غمامة الهموم التي رانت على قلوبنا ، وقررت البدء بتنظيم معارض للرسم تجمع فنانين عرب وبذلك عممت تجربتي على الفنانين المشاركين وقمت برصد ارائهم بعد المعارض وكيف كانت تجربتهم في الخروج من الدنيا إلى عوالم الألوان الجميلة .

وبحكم وظيفتي كمديرة قمت بالتجرؤ أكثر والتخطيط لتعيم التجربة على طلاب مدرستي وقسمتهم إلى فئتين من 6 إلى 10 سنوات الفئة الصغرى ومن 11 إلى 16 الفئة العليا .. وزاد الاصرار على إثبات أن الفن يستطيع إخراج الطاقة السلبية بعد أن دخلنا في العام الثاني للتعلم الإلكتروني، وفعلا بدأنا بالخطة عن بعد ورسمت مع الفئات عبر تطبيق الزوم والمتابعة بفيديوهات الواتساب و المسجات الصوتية وكان الطلاب في قمة متعتهم معي حيث لم أشترط عليهم الموهبة للمشاركة وكان حافزهم أنهم سيحصلون على معرض كامل يعرض بلوحاتهم الرقيقة وصورهم البريئة .. وكان لهم ذلك بعد 3 أشهر من العمل وهنا رصدت مع الأهل كيفية تغير سلوك أبنائهم أثناء الرسم وكانت النتائج مبهرة كما توقعت.

وانتقلت للمرحلة الثالثة والتحدي الأصعب فقررت حوض التجربة مع الفئة الأكثر تأثرا باغلاقات الكورونا والأكثر عرضة للتنمر المجتمعي والأكثر عبءً على الأهل بسبب احتياجاتهم الخاصة _ فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لمتلازمة الداون _ وبعد دراسة حالاتهم واستدعاء أخصائي نفسي وأخصائي تربية خاصة لمساعدتي مع الفنانين التشكيليين المتطوعين، قمنا بعمل ملف لكل طفل ووصلت الأعمار من 8 إلى 25 سنة واستمرت الورشة 4 أشهر تقريبا .. والصادم هنا أن استجابة الأطفال للتعديل السلوكي والتطور في مستوى الرسم ودمج الألوان كان أضعاف التطور الحاصل عند الطفل الطبيعي …!!

أما المفاجأة فكانت إقامة معرض وجاهي للأطفال برعاية وزير الثقافة السابق معالي علي العايد وعطوفة محافظ اربد رضوان العتوم ومدير ثقافة اربد عاقل الخوالده .. هنا وعندما سجلنا التطور في علاقة الأطفال بالألوان وانشغالهم لساعات في تحقيق لوحات جميلة ومعبرة شعرت أنني منذ نعومة اظفاري كنت على صواب فالفن علاج لكل داء يصيب الأنفس .. وما عجز عنه البشر في إطلاق سراح الروح حققه اللون.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

اقرأ ايضا