المستقل – يقولون إنّ الصورة تُساوي ألف كلمةٍ، وحزب الله بقدراته المتواضعة، والتي تشمل عدم امتلاكه أيّ طائرةٍ حربيّةٍ، تمكّن من قلب المعادلة رأسًا على عقب، في كلّ ما يتعلّق بالتفوّق العسكريّ الإسرائيليّ، إذْ أنّه وباعترافٍ من الكيان فإنّ الطائرات دون طيّارٍ، التي بحوزة الحزب، استطاعت أنْ تُصوِّر المنشآت والقواعد العسكريّة في العمق الإسرائيليّ وتُهاجِم بعضها بشكلٍ دقيقٍ.
بكلماتٍ أخرى، فإنّ الإقرار الإسرائيليّ بأنّ صواريخ المقاومة الإسلاميّة اللبنانيّة قادرةٌ على ضرب أيّ هدفٍ تكتيكيّ أوْ إستراتيجيّ في دولة الاحتلال، أصبح الآن، بعد نشر حزب الله القسم الثاني من فيديو (الهدهد رقم اثنين)، حقيقةً مُدعمّة بالصور، وبالتالي فإنّ التقارير الصحافيّة العبريّة أكّدت أنّه في الكيان تعاملوا بجديّةٍ وقلقٍ مع نشر (حزب الله) الحلقة الثانية من الهدهد وتوقّفوا عند القدرات الاستخبارية للحزب، واعتبروها رسالة ردعٍ وتحدٍّ لـ (إسرائيل) لثنيها عن القيام بأيّ اعتداءٍ على لبنان.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة (هآرتس) العبريّة أنّ رشقة القذائف الصاروخيّة لحزب الله التي أدّت إلى مقتل إسرائيلييْن اثنيْن بالقرب من معسكر (نفح) في هضبة الجولان العربيّة السوريّة المُحتلّة، أطلقت ردًا على اغتيال ياسر قرنبش، والذي كان عنصرًا في حماية الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وأضافت الصحيفة أنّه قبل ساعاتٍ من إطلاق الصواريخ نشر (حزب الله) مقطع فيديو عرض قدراته الاستخباريّة، وهدّد بضرب عدّة قواعد وتجمعات للقوات في الجولان.
ومضت الصحيفة العبرية قائلةً إنّ عرض حزب الله على الخريطة مسحًا لسلسلةٍ طويلةٍ من القواعد وتجمعات القوات. وفي زاوية الشاشة كُتبت عبارة (قبل الاستهداف)، وهو مفهومٌ عسكريٌّ يعني إجراء تمهيديّ لاختيار الأهداف قبل الهجوم.
وشدّدّت في سياق تقريرها على أنّه هكذا يُلمِّح الحزب مرّةً أخرى إلى أنّ التفوّق الجوي الذي استمرت (إسرائيل) بالتمتّع به على دول المنطقة كافة ليس ضمانًا لحماية أجوائها.
علاوة على ما ذُكِر أعلاه، أكّدت الصحيفة العبريّة أنّ “هذه الرسالة تزداد حدّةً عندما ندرك أنّ الحديث يجري عن عدة طلعاتٍ جويّةٍ نُفّذت على فترة، ممّا يثبت أنّ (حزب الله)، الذي لا يملك حتى طائرة مقاتلة واحدة، بل لديه قدرات جوية تصل إلى عمق (إسرائيل)، لجمع معلومات استخبارية قبل العملية والعمل لاحقًا على أساس هذه المعلومات الاستخبارية”، مُضيفة أنّ “ضرب قاعدة (طال شمايم) الإستراتيجيّة عند مفرق (غولاني) في الجليل الأسفل هو أحد الأمثلة على ذلك”، على حدّ تعبيرها.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ “الأمر المقلق في المقطع الذي نشره (حزب الله) هو أنّه ينجح في جمع معلوماتٍ استخباريّةٍ مرئيّةٍ وحديثةٍ للغاية، في الوقت الحقيقيّ، عن انتشار الوحدات في الشمال والوضع في القواعد المختلفة، حيث أبرز معدّو الفيديو منشآت استخبارية ورادارات مدفعية ومنصات إطلاق القبة الحديدية ومنصات إطلاق ومنظومات أخرى، ووثّقوا الوحدات القتاليّة، بما في ذلك سلاح المشاة والمدرعات وبطاريات المدفعية، المنتشرة في المناطق”، طبقًا لأقوالها.
وخلصت الصحيفة إلى القول إنّه “على مدى الأشهر التسعة الماضية، أثبت حزب الله أنّ لديه القدرة ليس فقط على تصوير هذه القواعد من الجو، بل أيضًا على استهدافها بالقذائف الصاروخية والطائرات المُسيّرة الانقضاضيّة والانتحاريّة”، مُشدّدّةً على أنّ “هذا الفيديو يستهدف الوطن العربيّ برّمته، وأيضًا اللبنانيين، الذي يُعارِضون (حزب الله)”، على حدّ قولها.
جديرٌ بالذكر أنّ حزب الله، نشر أوّل من أمس الثلاثاء، فيديو جديد تحت عنوان (الهدهد حلقة 2)، يظهر تصويرًا لقواعد ومراكز قياديّة إسرائيليّة في منطقة الجولان المحتلة، وسط تساؤلاتٍ عن الرسالة التي يريد إرسالها من خلال نشر هذا الفيديو.
وأوضح الحزب أنّ طائراته نجحت في تصوير قواعد استخبارات ومقرات ومعسكرات في الجولان، فيما اعتبرت (إسرائيل) الرسميّة أنّ المشاهد التقطت قبل شهريْن.
ومن الأهمية بمكان التذكير، أنّه في اختراقٍ نادرٍ، أرسل حزب الله في الشهر الماضي إحدى طائراته المسيّرة، التي أطلق عليها اسم (الهدهد)، لتعود بصورٍ حسّاسةٍ من شمال (إسرائيل)، تحديدًا مدينة حيفا.
ولمدة تسع دقائق، نشر حزب الله مقطعًا مصورًا يتضمن مسحًا دقيقًا لمناطق في شمال (إسرائيل) صورته طائرات مسيرة تمكّنت من تجاوز وسائل الدفاع الجويّ للاحتلال، ثم رجعت دون استطاعته من كشفها.
وأظهرت الصور التي عرضها حزب الله مواقع إسرائيلية حساسة وقواعد عسكرية ومخازن أسلحة وصواريخ وموانئ بحرية ومطارات.
وكشف الفيديو عن مشاهد جوية لمدينة حيفا، من بينها مجمع الصناعات العسكرية ومنطقة الموانئ التي تضم قاعدة حيفا العسكرية ومنشأة بتروكيميائية، علاوة على مبنى قيادة وحدة الغواصات وسفن (ساعر) الحربية بأنواعها.
ودون تعليقٍ رسميٍّ، أفادت وسائل إعلامٍ عبريّةٍ أنّ الوثائق الجديدة التي عرضها حزب الله هي غير عادية من العمق الإسرائيليّ، وأكثر إثارة للقلق منذ بداية الحرب.
وكان المقطع المصور رسالة شديدة اللهجة للاحتلال، وردًا عمليًا على التهديدات التي وصلت مؤخرًا وهي غير منقطعة عمّا يُسّمى بالمسار السياسيّ الذي يقوده ممثل الرئيس الأمريكيّ عاموس هوكشتاين.
رأي اليوم