المسنقل – كتب : الدكتور محمد عبدالستار جرادات
جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني، في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشرين، متسماً بالوضوح والواقعية، واضعاً خطوطاً عريضة لرؤية الأردن المستقبلية التي ترتكز على التحديث الشامل، تعزيز الهوية الوطنية، ودعم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
جلالته اكد أن المجلس الجديد يشكل نقطة انطلاق لتطبيق مشروع التحديث السياسي، الذي يعزز دور الأحزاب البرامجية، ويشجع على زيادة مشاركة الشباب والمرأة في العمل السياسي. هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية طويلة المدى لبناء نموذج ديمقراطي حديث يقوم على التنافس بالأفكار والبرامج، بعيداً عن الممارسات التقليدية.
ولضمان نجاح هذا المشروع، دعا الملك إلى أداء نيابي يرتكز على النزاهة والعمل الجماعي، إلى جانب تعاون وثيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. كما شدد على ضرورة تحديث القطاع العام للوصول إلى إدارة كفؤة تقدم خدماتها للمواطنين بنزاهة وعدالة، في خطوة تؤسس لنهج جديد في الإدارة الحكومية.
اما اقتصادياً، أبرز خطاب جلالة الملك أهمية مواصلة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، التي تهدف إلى إطلاق إمكانات الاقتصاد الوطني ورفع معدلات النمو خلال العقد المقبل. وأشار جلالته إلى أن الأردن يمتلك كفاءات بشرية متميزة وعلاقات دولية قوية، مما يؤهله لتحقيق تطور اقتصادي ملموس ينعكس إيجابياً على حياة المواطنين.
كما أشار الملك إلى أهمية تمكين الشباب وتأهيلهم لوظائف المستقبل، ما يؤكد التزام الدولة بإعداد أجيال قادرة على مواجهة تحديات العصر، سواء على المستوى المحلي أو العالمي.
ومن هنا رسّخ جلالته في خطابه مفهوماً أساسياً وهو أن الأردن دولة “راسخة الهوية”، لا تغامر بمستقبلها ولا تخضع لسياسات لا تلبي مصالحها أو تخرج عن مبادئها. وقد شدد الملك على أن الحفاظ على الإرث الهاشمي والانتماء العربي والإنساني هو جزء لا يتجزأ من رؤية الأردن المستقبلية.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية، جدّد الملك موقف الأردن الثابت والمبدئي، المتمثل في دعم السلام العادل والمشرف الذي يرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني ويعيد الحقوق إلى أصحابها. كما أكد أن الدفاع عن القدس ومقدساتها سيبقى أولوية أردنية هاشمية، في إطار الوصاية التي يتمسك بها الأردن بشرف وأمانة.
اما على صعيد الرسائل فقد يحمل خطاب جلالته رسائل واضحة إلى الداخل الأردني، تدعو إلى تحمل المسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الحاسمة، سواء من قبل الحكومة أو مجلس الأمة أو المواطنين. كما يشكل الخطاب رسالة إلى الخارج، بأن الأردن ملتزم بدوره الإقليمي والدولي كدولة تسعى لتحقيق السلام والاستقرار، دون التنازل عن مبادئها أو مصالحها.
اختتم الملك خطابه برسالة ملهمة، مفادها أن الأردن سيواصل البناء بفضل عزيمة أبنائه وإيمانهم بوطنهم. هذه الرسالة، التي تعكس رؤية قيادية متفائلة وواثقة، تُبرز أهمية تكاتف الأردنيين حكومةً وشعباً في مواجهة التحديات، لصناعة مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً.
يبقى خطاب جلالته خارطة طريق للأردن في هذه المرحلة، عنوانها التحديث، وهدفها تعزيز مكانة الدولة داخلياً وخارجياً. إنه دعوة للعمل بروح جماعية، والإيمان بقدرة الوطن على تحقيق المزيد من الإنجازات.
حمى الله الأردن، حمى الله الملك و ولي عهده الأمين.