المستقل – استضاف نادي جامعة البترا محاضرة لرئيس الجامعة الأستاذ الدكتور رامي عبد الرحيم بعنوان: “التحديات المستقبلية في قطاع التعليم العالي”، إدارة المحاضرة رئيس النادي الأستاذ الدكتور اياد الملاح ،تحدث فيها عن الأدوار المتزايدة للذكاء الاصطناعي في التعليم، إلى جانب التصنيفات العالمية لتقييم الجامعات، ومدى مشروعية وفائدة الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في إنجاز البحث العلمي، وحدود توظيفها المهنية والأخلاقية.
وأشار عبد الرحيم إلى أن إحدى المدارس البريطانية قد بدأت بالفعل باستخدام الذكاء الاصطناعي في تعليم الطلبة وذلك من خلال تقديم مادة تعليمية تتناسب مع كل طالب وقدراته، و استعرض كذلك نتائج الاستبانة التي أجرتها جامعة البترا لقياس إيجابيات وسلبيات وتحديات الذكاء الاصطناعي من وجهة نظر الأساتذة في الجامعة، وضرورة الاستمرار في تقديم الدورات التدريبية لأعضاء الهيئة التدريسية لمواكبة هذه التطورات السريعة في أساليب التعليم ودور المعلم.
وفي سياق التعليم العالي، أشار عبد الرحيم إلى أن الذكاء الاصطناعي بات يُستخدَم في بعض الجامعات كـ”مساعد افتراضي” لدعم الطلاب والمدرسين، ويُتوقع أن يلعب دورًا أوسع في إدارة العمليات التعليمية وتخصيص المناهج حسب احتياجات الطلبة، وهو ما يساهم في خفض التكاليف التشغيلية. ومع ذلك، تبقى هناك تحديات تتعلق بالاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي في تقييم الطلبة وتفاعلهم مع المدرسين، إذ يرى المعارضون أن ذلك قد يؤثر في مهارات التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلبة.
وأشار عبد الرحيم إلى أن الآلة أصبحت تتعلم بنفسها ضمن مفهومين هما: التعلم الآلي، والتعلم العميق، ويتيح “التعلم الآلي” للأنظمة استيعاب البيانات والتكيف معها لتحسين الأداء، في حين يتعامل “التعلم العميق” مع تحليل البيانات عبر شبكات عصبية معقدة، وهو ما يجعله أكثر قدرة على التعمق في فهم الأنماط.
وأشار عبد الرحيم إلى أن الأجيال الجديدة من طلبة الجامعات هم رقميون بالفطرة، وهذا يتطلب من الأساتذة بذل المزيد من التدريب في مجال المهارات الرقمية، لمسايرة المستويات المتقدمة من المهارات الرقمية لدى الطلبة.
وشدد عبد الرحيم على أهمية العمل على توظيف خريجي الجامعة من خلال تزويدهم بمهارات سوق العمل، إذ تؤثر نسب توظيف الخريجين بشكل كبير في سمعة الجامعة، وهو ما يستدعي تزويد الخريجين بالمهارات الناعمة والرقمية التي يحتاجها سوق العمل، وتفعيل مقرر المهارات المهنية في التخصص الذي استحدثته الجامعة بصفته متطلبًا اختياريًّا يدرًَس على مدار فصل دراسي كامل يهدف إلى نقل الطلبة إلى معطيات ومتطلبات السوق، وما يحتاجه من معارف ومهارات وكفايات.
ويشار إلى أن معدّل التوظيف بعد التخرج يعد مؤشرًا على جودة التعليم وارتباط المناهج الدراسية بمتطلبات سوق العمل. لذلك، تعمل العديد من الجامعات على تطوير برامج تدريبية وشراكات مع مؤسسات وشركات محلية ودولية، إضافةً إلى تحديث المناهج باستمرار لتواكب متطلبات القطاعات المهنية المتغيرة، وهو ما يعزز فرص توظيف الخريجين، ويزيد من جاذبية الجامعة للطلاب الجدد.
وتحدث عبد الرحيم عن أهمية الاستمرار بالممارسات الحسنة والجودة في البيئة التعليمية، وهو ما يخلق شعوراً إيجابيًا لدى الطلبة والعاملين والزائرين للجامعة، وتعزيز الجودة كسلوكيات وإجراءات فعلية تتحسن وتتطور بناء على التغذية الراجعة من سوق العمل، وبما يضمن امتلاك الخريجين لمتطلبات أرباب المصلحة في سوق العمل.
وأشار عبد الرحيم إلى التحديات التي تفرضها التصنيفات العالمية للجامعات، مثل تصنيف “QS” و”Times Higher Education”، إذ تُصنّف الجامعات بناءً على معايير تتضمن جودة التدريس، وقوة البحث العلمي، ونسبة توظيف الخريجين، وسمعة الجامعة الأكاديمية والدولية.
وقال عبد الرحيم إن التصنيفات تشكل تحديًا للجامعات في سعيها للحفاظ على مكانتها أو تحسينها، وهو ما يتطلب استثمارات كبيرة في البحث العلمي، وتطوير البنية التحتية الأكاديمية، وتوظيف كفايات أكاديمية متميزة، فضلًا عن تحسين تجربة الطلاب وتحفيزهم على تحقيق النجاح الأكاديمي.
وأضاف: “إن التحدي يكمن في التوازن بين تحقيق معايير التصنيف، وضمان تلبية احتياجات الطلاب والمجتمع المحلي، إذ تستثمر الجامعات العالمية جهودًا وموارد ضخمة لتقديم برامج تعليمية تتماشى مع معايير التصنيفات، مع توفير بيئة تعليمية تعزز الابتكار وتدعم التنمية المستدامة”.
وتحدث عبدالرحيم كذلك عن ضرورة التحول من البحث العلمي الأساسي إلى البحث العلمي الابتكاري الذي ينتج عنه منتجات وبراءات اختراع تساهم في دعم العجلة الاقتصادية في الوطن.
وفي مداخلته، شدد المستشار الأعلى لجامعة البترا الأستاذ الدكتور عدنان بدران على أهمية تخريج طلبة يمتلكون مهارات التفكير النقدي والقدرة على التعلم الذاتي، إذ يرى أن تسارع المعرفة يجعل المهارات التكيفية أكثر أهمية للطلاب لمواجهة التحديات في سوق العمل المتسارع، متوقعًا أن يتضاعف حجم المعرفة البشرية بمعدل أسرع في المستقبل. لذا، ينبغي للجامعات أن تركز على إعداد خريجين يتمتعون بقدرة تنافسية ومهارات متعددة تواكب متطلبات العصر.
وتناول بدران موضوع التصنيفات العالمية للجامعات، التي تشكل تحديًا للجامعات في تعزيز سمعتها الأكاديمية على الصعيدين المحلي والدولي، وهو ما يتطلب تحسين معايير التعليم والبحث العلمي لتتناسب مع مقاييس التصنيفات الأكاديمية العالمية.