المستقل – كتب : ابو نايف
“الأردن للاردنيين” جملة عندما يتحدث بها شاب وطني تختل موازين الطروحات السياسية عند بعض النخب السياسية وبعض المرتجفين .
في قراءة المقال كتبه وزير خارجيه سابق بعنوان ‘بين المواطنه والتوطين’ وجدت خلط بين مفهومي المواطنة والتوطين، وهذا الخلط لا ينبغي لمسؤول من الصف الأول ايراده.
نجد مغالطات قانونية واجتماعية وتاريخية لا بد من تصويبها، خاصة أن الهويّة الوطنية الأردنية باتت في مواجهة محاولات متكررة لتمييعها وتذويبها عبر خطاب يسعى إلى تقديم الدولة الأردنية وكأنها مجرّد ساحة للصراعات الإقليمية لا كيانًا سياديًا قائمًا بذاته منذ قرون. وان مواطنتها تتارجح بين كامله الدسم او منزوعه منه.
ان الهويّة الوطنية الأردنية التاريخية راسخة لا تحتاج إلى إثبات، حيث انها ليست وليدة النكبة الفلسطينية، ولا ترتبط بموجات اللجوء أو قرارات الأمم المتحدة. بل هي هويّة متجذرة ضاربة في عمق التاريخ، تستمد مشروعيتها من وجود الدولة الأردنية نفسها منذ التأسيس، ومن ارتباط شعبها بأرضه عبر العصور. فمحاولة تصوير الأردن وكأنه كيان حديث ظهر لمجرد استيعاب اللاجئين الفلسطينيين فيه، هي مغالطة تاريخية تسعى إلى اختزال هويّة وطنية أصيلة في سياقات سياسية طارئة.
الدستور الأردني الذي يستشهد به الجميع لا يتعامل مع الأردنيين بناءً على أصولهم، بل يؤكد على مبدأ المساواة بين جميع المواطنين، بمعزل عن أصولهم وجذورهم، وهذا ما لا جدال فيه، لكنه يعطي الأولوية للحفاظ على مصالح الدولة الأردنية فوق أي اعتبارات أخرى. وعليه، فإن الدفاع عن هذه المصالح، بما في ذلك حماية الهويّة الأردنية من التذويب، ليس موقفًا عنصريًا، بل واجب وطني.
ولا أستطيع الا ان استغرب ممن يحاولون خلط المواطنة بمفهوم سياسي خارجي لا علاقة له بها، عبر تصوير المواطنة وكأنها مجرد وسيلة لإفشال مخططات دولية. وهذا الطرح فيه خطر كبير؛ إذ يجعل من المواطنة الأردنية مجرّد ورقة تفاوضية بدلًا من أن تكون انتماءً أصيلًا. الأردن ليس طرفًا في أي مشروع لتصفية القضية الفلسطينية، وهو لم يكن يومًا دولة بديلة، بل كان ولا يزال مدافعًا عن حق الفلسطينيين في أرضهم، انطلاقًا من التزامه بمبادئه القومية لا انطلاقًا من محاولات فرض تركيبات سكانية على حساب هويّته الوطنية.
إن حماية المواطنة الحقيقية تعني الحفاظ على الدولة الأردنية بهويّتها وسيادتها، لا استخدامها كأداة في معارك سياسية خارجية. أما التوطين، فهو ليس مجرّد منح جنسيات، بل هو مخطط يتجاوز الأردن وفلسطين ليصب في صالح قوى دولية وإقليمية تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفقًا لمصالحها، وهو أمر يدركه الأردن تمامًا ويرفضه على جميع المستويات.
لا يمكن لأي دولة ذات سيادة أن تقبل بأي مشاريع تذويب لهويّتها، سواء أكانت هذه المشاريع تأتي تحت شعار “المواطنة المتساوية” أو بأي مسمى آخر. الدول تحافظ على هويّتها الوطنية كأولوية مطلقة، ولا تسمح بخلطها بأي سياقات أخرى مهما كانت. الهويّة الأردنية ليست عائقًا أمام حقوق أي شعب آخر، لكنها أيضًا ليست مجالًا للمساومة أو لإعادة تعريفها وفقًا لظروف سياسية مؤقتة.
قصارى القول ان الأردن أولًا، والمواطنة ليست سلعة سياسية .
إذا كان هناك من يرفض التوطين، فعليه أن يرفض أيضًا أي محاولات لتمييع الهويّة الأردنية تحت أي ذريعة. المواطنة في الأردن لا تحتاج إلى إعادة تعريف، بل تحتاج إلى ترسيخ مفهومها بما يحفظ كيان الدولة الأردنية ويحميها من أي محاولات لفرض واقع سياسي عليها لا يخدم إلا مخططات خارجية.
نعم للهويّة الأردنية الراسخة، ولا لكل محاولات التذويب والتمييع.
والاردن للاردنيين