المستقل – على كفتي موازين العدل، لم ترجح كفة الظلم أمامه، فقد ظل دائماً وأبداً نصيراً للمظلومين، يقدم كل ما لديه للدفاع عنهم دون أن يطلب جزاء أو شكور. لم يكن هدفه جمع المال أو تحسين سمعته في الدنيا، بل كان إيمانه العميق بالإنسانية والعدالة هو دافعه، لأنّه أدرك أن السلام لا يتحقق إلا في ساحة العدالة حيث يعلو الحق وينتصر. ثلاث عقود وأكثر أمضاها في ساحات القضاء، ليصبح اسمه مرادفاً للإنصاف، ولتجوب أصداء عدالته أرجاء عالم المحاماة.
المحامي داهود عرب، هو ذلك الرجل الذي عشق المحاماة وأتقنها ببراعة. منذ أن اختار هذا الطريق، أصبحت المحاماة جزءاً لا يتجزأ من شخصيته وحياته. جاب الأرض طويلاً وواجه الظلم بكل شجاعة، ليبقى الحق سلاحه الأمضى، ونصرة المظلومين هدفه الأسمى. كان يملك من العلم والحكمة ما يجعله يرفض أن يعم الطغيان، ويحفظ قانون الإنسانية في قلبه وعقله، مدافعاً عن الحق دون أن يتراجع أو يتنازل.
يُعدّ داهود عرب من الشخصيات النادرة التي يجتمع فيها النبل والتفاني، فقد خاض معارك قانونية حامية دفاعاً عن الحق، وصار اسمه مرادفاً للعدالة. صوته الجهير بالحق كان يصدح في كافة المجالس والمحاكم، في وقت كان فيه يرفض الدفاع عن الظلمة ويقاوم الادعاءات الباطلة دون أن يعبأ بالمقابل. أصبح بذلك رمزاً للمحامي النبيل المخلص الذي لا يتوقف عن محاربة البغي.
وفي مسار إضافي، حرص داهود عرب على غرس نفس المبادئ في نفوس الجيل الجديد، فكان يشرف على تدريب طلبة المحاماة، مُعلماً إياهم أن العمل الإنساني هو الأسمى قبل الأكاديمي، وأن خدمة الضعفاء ونصرتهم لا تأتي من رغبة في المال أو الشهرة، بل من حب الناس وإعادة البراءة والسعادة إلى قلوبهم.
منذ ولادته في عام 1966، كان داهود عرب نبغة في مهنته، لم يبدأ كمبتدئ بل دخل هذا المجال بشجاعة واحتراف، ليُظهر براعة في مناوراته القانونية وفصاحته أمام القضاة. لطالما استل سيفه للدفاع عن المظلومين ورفض أن يكون طرفاً في أي قضية تضر بالإنسانية. كان حنجرة صادحة بالحق، يذكره الأردنيون بكل فخر في ساحات القضاء العالي وهو يلوح “بالروب الأسود” في وجه القضاة، حاملاً معه رياح البراءة للمظلومين.
وإلى جانب دوره العظيم في المحاماة، كان داهود عرب نصيراً للفقراء والمحتاجين، كما كان الطبيب الذي يعالج جراحهم بمبالغ رمزية. لم يكن يرهق كواهلهم بما لا يقدرون عليه، بل ظل دوماً نصيراً للغلابى، ينشد العدالة والبراءة، ويمنحهم السلام الذي طالما كانوا في حاجة إليه.