المستقل – قال رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة إنّ جلالة الملك عبدالله الثاني، ومنذ اللحظة الأولى لبدء الاعتداءات على المدنيين في قطاع غزة، يسعى جاهداً إلى التحرّك في إطار منسّق؛ لبلورة جهد دولي يستهدف بالدّرجة الأولى وقف العدوان “المستعر والمتصاعد” على أهلنا المدنيين في قطاع غزة.
وأشار الخصاونة إلى الزيارة التي يجريها جلالة الملك حالياً إلى أربع عواصم أوروبية، هي: لندن، وروما، وبرلين، وباريس، بالإضافة إلى الاتصالات التي يجريها جلالته مع مختلف زعماء الدول الشقيقة والصديقة خلال الأيام الماضية، والتي تأتي جميعها في إطار بلورة هذا الجهد الدولي الذي يستهدف وقف هذا العدوان، و”ضمان تطبيق القانون الدولي الإنساني بحيدة، وحماية القيم الإنسانية المشتركة، وحماية المدنيين الأبرياء الذين يواجهون جحيم الحرب ولا يجدون ملجأ أو طعاماً أو غذاءً أو مستشفيات لأطفالهم وجرحاهم”.
وشدّد رئيس الوزراء على أنّ الصَّمت ليس خياراً مقبولاً على ما يتعرّض له أهلنا في غزة من حرب وتدمير ممنهج؛ لأنّ هذا يشكّل صمتاً على عدوان يجرّد أهل غزة من حقهم الإنساني والقانوني في الحماية، وصمتاً على خروقات إسرائيلية فاضحة للقانون الدولي.
وأكّد الخصاونة أنّه يتعيّن على المجتمع الدولي أن يتعامل مع الحرب على قطاع غزة وفق معايير محددة، يدين من خلالها قتل المدنيين “الواسع النطاق” لأهلنا الفلسطينيين مثلما هبّ وقام بإدانة قتل المدنيين الإسرائيليين؛ لأنّ الضّحايا المدنيين في المحصّلة النهائيّة هم ضحاياً أيّاً كانت هويتهم أو جنسيتهم أو عرقهم أو دينهم.
وأضاف: المدنيون الفلسطينيون ليسوا أقل إنسانية من غيرهم، ويتعين حمايتهم وأن توقف إسرائيل سلوكها الرامي إلى منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضغطها على أكثر من مليون غزي بالاتجاه من شمال غزة إلى جنوبها، في الوقت الذي تشتدّ وتستعر فيه حربها على قطاع غزة فيما بشكل يمثّل خرقاً فاضحاً للقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي ومنظومة قوانين الحرب برمتها.
وأكّد الخصاونة أنّ هذه ثوابت أساسية في الموقف الأردني، وقد كان منطلقها على الدّوام وعبر سنوات مضت الإدراك الكامل والوعي للأردن بقيادته الهاشمية، بأنّ غياب الأفق السياسي الرامي إلى إنهاء الصراع في سياق حلّ الدولتين الذي تقوم بمقتضاه الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الكاملة والناجزة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفي إطار يلبّي كلّ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمصالح العُليا والحيوية للدولة الأردنية هو الحلّ الوحيد الذي من شأنه أن يضمن سلاماً واستقراراً في المنطقة.
ولفت الخصاونة إلى أنّ هذا التحذير والتنبيه والإدراك المتواصل، الذي واكبه سعي جاد من جلالة الملك، يثبت مرة أخرى أنّ إهماله يؤدي بنا إلى ما نراه من تصعيد وعدوان واعتداءات تعيد إنتاج دائرة ودوامة العنف دون الوصول إلى نهاية تضمن الاستقرار والأمن والسلام للإقليم ولكل شعوبه ودوله.
وشدد الخصاونة على أنّ الأردن يرفض بشكل قاطع أيّ إجراءات أو خطوات تقود إلى أيّ نمط من أنماط التهجير القسري لأهلنا الفلسطينيين في غزة أو في الضفة الغربية أو في أيّ من المدن والقرى الفلسطينية، مؤكّداً أنّ هذا الأمر خطّ أحمر، وسيدفع المنطقة برمتها صراع أعمق وأوسع، وهو أمر مرفوض ويشكّل خرقاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة ولمنظومة القوانين التي تحكم إدارة العمليات الحربية والواجبات الملقاة على عاتق قوة الاحتلال في هذا الصدد.
وأشار الخصاونة إلى جهود الأردن في تقديم المساعدات الإنسانية لأهلنا في قطاع غزة، مؤكداً أنّ جلالة الملك عبدالله الثاني بادر على الفور بالإيعاز لإرسال هذه المساعدات، واستجابةً لذلك كانت أول طائرة مساعدات تصل إلى مطار العريش المصري هي طائرة مساعدات أردنية تتبع لسلاح الجو الملكي، وقد أُرسلت بالتنسيق مع الجانب المصري، وهي ما زالت في عهدة الهلال الأحمر، بانتظار أن تتكلل الجهود التي نحن جزء منها، والتي يسعى جلالة الملك إلى بلورتها، من أجل إدخال هذه المساعدات الإنسانيَّة المتواصلة إلى أهلنا في قطاع غزة.
ولفت الخصاونة إلى أنّ الهيئة الخيرية الهاشمية تقود جهود تقديم المساعدات الإنسانية من الأردن إلى أهلنا في غزة، مشدداً على أنّ أيّ تبرعات نقدية أو عينية من المواطنين أو الهيئات أو المؤسسات من الأفضل أن توجه إلى الهيئة للقيام بجهد منظم لإيصالها إلى أهلنا في قطاع غزة.
وقال رئيس الوزراء أنّه وبناءً على أوامر جلالة الملك عبدالله الثاني، ونتيجة للعجوزات التي تواجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في تمويل عملياتها في قطاع غزة الذي يتعرض فيه أهلنا إلى كوارث إنسانية، فقد اتخذ مجلس الوزراء اليوم قراراً بتخصيص مبلغ 3 ملايين دينار للأونروا ونأمل أن تتخذ دولاً أخرى قرارات مماثلة مؤكداً أن قرار مجلس الوزراء اليوم بدعم الأونروا وبالرغم من صعوبة أوضاعنا المالية، يأتى لتجسير هذه الفجوة الضرورية التي يحتاجها أهلها الصامدون في قطاع غزة.
كما أعلن رئيس الوزراء أن مجلس الوزراء وافق اليوم أيضا على تنسيب وزير الصحة بتخصيص معدات طبية وأدوية لأهلنا في قطاع غزة وفلسطين بقيمة نصف مليون دينار أردني مؤكداً أن الأردن مستمرٌ بتأطير هذا الدعم الإنساني.
وأكد الخصاونة أن المستشفى الميداني الأردني في غزة سيستمر بالتواجد في مكانه بغزة رغم أن المستشفى لم يستطعْ أن يقدّم خدماته للمرضى خلال الأيام الأخيرة للمرضى بفعل الظروف المحيطة به ونتيجة عدم تمكن الكثير من المرضى من الوصول إليه.
وقال إن المستشفى الميداني العسكري موجود في غزة منذ نحو 20 عاماً وكوادره متواجدة في المستشفى، وحالما تسمح الظروف بأن يقدّم خدماته بعد أن تصله الكثير من الاحتياجات الطبية التي يتعذر وصولها حالياً، فإنه سيقدّم خدماته التي قدّمها ويقدّمها على مدى عشرين عاماً.
وأكّد رئيس الوزراء أن المستشفى الميداني الأردني سيبقى قائماً وشاهداً على الالتزام الأردني الدائم بتقديم كل المعونة والإغاثة لأهلنا في قطاع غزة، مطالباً جميع الأطراف الفاعلة بالالتزام بأحكام القانون الدولي التي تحكم عمل المنشآت الطبية والمنشآت الصحية والمستشفيات في مثل هذه الظروف، ونتوقع من جميع الأطراف الفاعلة بأن تحترم سلامة ونبل المهمة الإنسانية التي يتصدّى لها هذا المستشفى وكوادره العاملة في قطاع غزة منذ ما يقرب من 20 عاماً.
ولفت الخصاونة إلى أن هذه مرتكزات أساسية يسعى جلالة الملك اليوم إلى تحقيقها ووقف هذه الدوامة من الاعتداءات والقتل والعقاب الجماعي الذي يتعرّض له أبناء قطاع غزة.
وأعاد الخصاونة التأكيد على ما ركز ونبّه إليه جلالة الملك دوماً ومنذ سنوات على أنه في غياب الأفق السياسي الذي يتوّج بتجسيد حلّ الدولتين فإن المنطقة ستنتقل من تصعيد إلى تصعيد وتوسّع في التصعيد ولن تنعم المنطقة وشعوبها بأي قدرٍ من الاستقرار المستدام الذي يفضي إلى إنتاج تعاون إقليمي وتحسن اقتصادي ومعيشة مستدامة في منطقتنا.
وشدّد رئيس الوزراء على أن أي تهجيرات قسرية للسكان تشكّل خرقاً لخط أحمر أردني وعربي “وهذا أمر غير مقبول فضلاً عن أنه يشكل في أعراف قوانين الحرب جريمة حرب”، لافتاً إلى أن المسعى يركز على أن يتوقف هذا العدوان والأعمال العسكرية الدائرة به وحوله لنتمكن من فرض ممرات إنسانية إغاثية وإعادة إنتاج الأفق السياسي الذي بغيابه سنبقى ندور في حلقة مفرغة قوامها الانتقال من دوامة عنف ثم تهدئة ثم عنف من جديد.
وقال الخصاونة ” نحيي شعبنا في المملكة الأردنية الهاشمية ونؤكد أن لهم المساحة الكاملة في التعبير عن كل التضامن إزاء الكثير من المشاهد المروعة التي يتعرض لها المدنيون من أهلنا من أبناء قطاع غزة “مؤكدا أن مساحة التعبير هذه ستبقى متاحة دوماً مع التاكيد على أن مسؤوليتنا كدولة في حماية مواطنينا بالدرجة الأولى تستوجب أن لا تتواجد مثل هذه التجمعات والحشود التي تمتلك هذا الحق والواجب في التعبير بالقرب من المناطق الحدودية وذلك حفاظاً على سلامتهم كون المناطق الحدودية فيها قواعد اشتباك تختلف عن الأطر الضابطة والناظمة للتظاهرات والتجمعات التي تمارس حقوق التعبير إلى مديات أوسع ومع الاحترام الضروري والذي نوقن بأنه يتوافر لدى مواطنينا بعدم الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة أو التواجد المستمر والكثيف في أماكن تعطل سيرورة الحياة وهي محدودة للغاية.