المستقل – د . نهلا عبد القادر المومني
يتمثل الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة (2030) في التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة، لا يهمش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية بمفهومها الشامل، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على المستويات كافة.
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الهدف السادس عشر يشكل هدفًا محوريا ويرتبط بإعمال وإنفاذ أهداف التنمية الأخرى؛ فالمجتمعات المسالمة والقادرة على الوصول إلى العدالة ووجود مؤسسات فاعلة تشكل البيئة الخصبة والاشتراطات الضرورية لإعمال الأهداف المتعلقة بالقضاء على الجوع والتعليم الجيد والصحة والرفاه والمساواة بين الجنسين والعمل المناخي وغير ذلك من أهداف تسعى لتحقيق الرؤية الأكبر والتعهد الذي أخذته الدول على عاتقها بأن لا يبقى أحد بالخلف.
وقد جاءت مقاصد الهدف السادس عشر لتجسد مضامينه التي بدونها لا يمكن أن تدعي المجتمعات أنها مجتمعات مسالمة، يصل أفرادها إلى العدالة وتتمتع بمؤسسات فاعلة، حيث أكدت هذه المقاصد على تعزيز مبدأ سيادة القانون وضمان تكافؤ الفرص ووصول الجميع إلى العدالة والحدّ من الفساد والرشوة بجميع أشكالها وإنشاء مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة وضمان أن تتخذ القرارات على نحو مستجيب للاحتياجات وبمنهجية تشاركية وتمثيلية للأطياف كافة، وضمان وكفالة وصول الأفراد للمعلومات وحماية الحريات الأساسية.
في الواقع يشكل إنفاذ الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة تحديا كبيرا يواجه العديد من دول العالم، خاصة تلك الدول التي تعاني من غياب المؤسسة والفاعلية والعمل في إطار تنسيقي يوحد الجهود بعيدا عن العمل كوحدات منفصلة داخل الدولة، وهو الأمر الذي يتطلب جهودا مضاعفة تقوم على توحيد الرؤية وتعزيز قيم الحاكمية الرشيدة وترسيخ معايير موضوعية قانونية تحكم عمل هذه المؤسسات.