26.1 C
Amman
الجمعة, أبريل 18, 2025
spot_img
الرئيسيةالمانشيتمن يرفع الراية البيضاء أولا واشنطن أم بكين؟

من يرفع الراية البيضاء أولا واشنطن أم بكين؟

المستقل – في أسبوع مضطرب وغير مسبوق، دخل أكبر اقتصادين في العالم — الولايات المتحدة والصين — في مواجهة تجارية حامية الوطيس، تبادل خلالها الطرفان قرارات فرض رسوم جمركية متصاعدة، مما أثار مخاوف حقيقية من أن تتحول هذه الحرب إلى أزمة تقود الاقتصاد العالمي نحو ركود خانق.

ويجمع خبيران في الاقتصاد الدولي، على أن سياسة “عض الأصابع” التي تتبعها واشنطن وبكين لن تنتهي بنصر لأي منهما، بل ستدفع الطرفين — وربما الصين أولًا — للعودة سريعا إلى طاولة المفاوضات، قبل أن تتسع رقعة الخسائر.

حرب جمركية متصاعدة

في خطوة تصعيدية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأربعاء، رفع الرسوم على المنتجات الصينية إلى 125 بالمئة، بينما ردّت بكين بفرض رسوم بنسبة 84 بالمئة على السلع الأمريكية، بدءا من الخميس، بعدما كانت قد أعلنت في وقت سابق عن نسبة 34 بالمئة فقط، ما أثار مخاوف من تداعيات ثقيلة على الاقتصاد العالمي برمته.

بلغ حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والصين في 2024 نحو 582.4 مليار دولار، بعجز تجاري لصالح الصين قدره 295.4 مليار دولار، بحسب بيانات مكتب الممثل التجاري الأمريكي (USTR).

وفي العام نفسه، بلغت الصادرات الأمريكية إلى الصين 143.5 مليار دولار، فيما سجلت الواردات الأمريكية من الصين 438.9 مليار دولار.

وتتركز صادرات الصين للولايات المتحدة في الإلكترونيات والمنسوجات والألعاب، في حين تستورد من الولايات المتحدة منتجات زراعية، وطائرات ومكوناتها، وأدوية، ونفط.

تصاعد الأزمة لحظة بلحظة

وبحسب تسلسل زمني جاءت حرب الرسوم الجمركية بين بكين وواشنطن، كالتالي:

2 أبريل/ نيسان

أعلن ترامب الأربعاء، فرض رسوم جمركية على وارادات جميع دول العالم بحد أدنى يبلغ 10 بالمئة، وكان نصيب الصين نسبة 34 بالمئة بخلاف 20 بالمئة سابقة فرضها الرئيس الأمريكي في الشهرين الفائتين بعد تنصيبه رئيسا، لترتفع النسبة إلى 54 بالمئة.

4 أبريل

كرد انتقامي، أعلنت بكين أنها ستفرض رسوما جمركية بنسبة 34 بالمئة على جميع الواردات القادمة من الولايات المتحدة، وذلك بدءا من 10 أبريل الجاري.

7 أبريل

هدد الرئيس ترامب برفع الرسوم إلى 104 بالمئة إذا لم تتراجع بكين.

وقال في تصريحات للصحفيين من البيت الأبيض: “الصين فرضت علينا رسوما جمركية إضافية بنسبة 34 بالمئة وقد قلتُ لهم إذا لم تُلغوا التعريفات الجديدة بحلول يوم الأربعاء فسنفرض تعرفة إضافية نسبتها 50 بالمئة على الواردات الصينية”.

8 أبريل

الخارجية الصينية أعلنت في بيان بأن بكين “ستقاتل حتى النهاية”، ووصفت رسوم ترامب بأنها “حرب تجارية لا تظهر أي استعداد لمحادثات جادة”، فيما قالت وزارة التجارة في بيان إنها سترد بقوة إذا نفذ ترامب تهديده بفرض رسوم الـ 50 بالمئة.

9 أبريل:

ترامب نفذ تهديده، وردت بكين برفع رسومها إلى 84 بالمئة، قبل أن يعود ترامب في المساء ليصعّد النسبة إلى 125 بالمئة.

هزات ارتدادية للقرار

بعد قرار ترامب “الصادم”، منيت أسواق الأسهم في وول ستريت الأمريكية بخسائر حادة بلغت نحو 6.6 تريليونات دولار، خلال يومين، فيما شهدت الأسواق العالمية انخفاضا حادا في أسعار الأسهم، ما أثار مخاوف من دخول العالم في أزمة مالية كبيرة.

كما أحدث التوتر التجاري اضطرابات في الأسواق الآسيوية، حيث سجلت بورصة هونغ كونغ، الإثنين أكبر خسائرها منذ أزمة 1997، بانخفاض تجاوز 13 بالمئة.

الصين تشتكي

تقدمت الصين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية، حيث حذرت البعثة الصينية لدى المنظمة في بيان، الأربعاء، من أن “قرار الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية متبادلة على بكين يُهدد بمزيد من زعزعة استقرار التجارة العالمية”.

وقالت وزارة التجارة الصينية، في بيان “لا يوجد فائزون في الحروب التجارية، والصين لا ترغب فيها، ولكن الحكومة لن تسمح أبداً بتضَرر حقوق ومصالح الشعب الصيني المشروعة، أو أن تُسلب منه”.

بالمقابل، قال وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، في مقابلة مع شبكة “فوكس بيزنس”، إن تحرك الصين لفرض رسوم جمركية مضادة بنسبة 84 بالمئة ضد الولايات المتحدة “خيار خاسر، ويؤكد عدم رغبتها في التفاوض”.

وعقب رفع الرسوم إلى 125 بالمئة قال بيسنت، في كلمة متلفزة “الرسالة واضحة لا تفرضوا علينا رسوما انتقامية وسنجد حلا”.

هل هناك مجال للهدنة

رأى الدكتور عامر الشوبكي، الخبير في الاقتصاد الدولي، أن استمرار التصعيد سيؤدي إلى “كارثة اقتصادية”.

وقال “الصين قد تضطر للصراخ أولًا، كون صادراتها إلى الولايات المتحدة تفوق 530 مليار دولار، ومعها سلاسل توريد ضخمة ستتأثر بشدة”.

واستدرك الدكتور عامر الشوبكي قائلا: “لكن لا نتفاجأ إذا صرخت واشنطن أولا فبرغم من قوتها الاقتصادية فإن التركيبة الأمريكية الديمقراطية وضغوط الشارع والانتخابات قد تقود ترامب لتقديم تنازلات أسرع في ظل اعتماد بكين على سياسة النفس الطويل مستفيدة من نظامها المركزي الشمولي وقدرتها على تحمل الآلام الاقتصادية لفترة أطول”.

ويعتقد الشوبكي، أنه “رغم حدة التصريحات بين واشنطن وبكين فإن استمرار التصعيد يعني خسائر ضخمة لهما وللعالم جراء حرب تجارية بين أهم اقتصادين بالعالم ويمثلان نحو 40 بالمئة من الاقتصاد العالمي”..

وتوقع أن “يشهد العالم قريبا جولة من المفاوضات الاضطرارية تحت ضغط الأسواق العالمية التي بدأت تدق جرس الإنذار وتحت ضغط الاقتصاد الداخلي لكل البلدين جراء شكاوي المستهلكين من ارتفاع الأسعار”.

وبرأي الشوبكي، فإن “الاستراتيجية الوحيدة التي تنقذ الجميع هي الوصول لتفاهم مرحلي أو هدنة اقتصادية تفتح المجال لمفاوضات أشمل في الملفات الأكثر حساسية بين واشنطن وبكين مثل التكنولوجيا وسلاسل التوريد وربما العسكرية”.

وأضاف: “إما أن يختار الطرفان طاولة المفاوضات والتفاوض على الرسوم الجمركية أو يدفع الجميع نحو مسار الحرب الاقتصادية وربما بعدها نحو مواجهة أكثر اشتعالا قد تكون من نوع آخر”.

وأرجع الخبير الشوبكي الموقف الأمريكي من الصين، “لأسباب مرتبطة بشعور متنام بأنه الصين تستغلها وأنها سبب عجز كبير بالموازنة (يتجاوز 1.15 تريليون دولار) بل تلتف حول قرارات الرسوم الجمركية الأمريكية وتصدر عبر بلاد أخرى تكون وجهتها النهائية الولايات المتحدة”.

ولفت إلى أن “واشنطن تدرك أن بكين ستكون أقوى اقتصاديا وعسكريا بعد نحو 5 سنوات، وبالتالي لا مفر أمامها سوى فرض المزيد من الرسوم لوقف المد الصيني دون نية للتراجع، وستواصل مفاوضات مع باقي الدول لتتفرغ للمعركة الأكثر تأثيرا مع الصين”.

وبشأن توجه بكين إلى الإجراءات المضادة، يرى الشوبكي أن الصين “تدرك أن خياراتها باتت محدودة للغاية بعد أن شملت الرسوم الجميع وبالتالي لن تستطيع الالتفاف عبر دول أخرى وليس أمامها سوى الرد برسوم للوصول لمفاوضات”.

صراع خاسر

أما الخبير نهاد إسماعيل من لندن، فرأى أن “الصين لن تخضع بسهولة، وفي النهاية سيذهب الطرفان للتفاوض”.

وأضاف “التصعيد لن يفيد أحدًا. الجميع سيخسر، والعالم سيدفع ثمنا كبيرا في شكل ركود شامل”.

وتوقع إسماعيل أن تحدث “محادثات في الكواليس بين واشنطن وبكين”، خاصة في ظل اعتماد كبير من مستهلكي الولايات المتحدة على الصادرات الصينية.

وأكد أنه “لا مفر من التفاوض والتوصل لحل لإنقاذ اقتصاديات العالم”.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

اقرأ ايضا