15.1 C
Amman
الأربعاء, أبريل 2, 2025
spot_img
الرئيسيةمقالات‏وصفة جاهزة للخراب

‏وصفة جاهزة للخراب

المستقل – كتب : د . منذر الحوارات العبادي 

تابعنا جميعاً خلال الأيام الماضية حجم الغضب الذي فجره كلام أعتُبر مسّاً بالعشائر الأردنية ، والذي أثار موجة واسعة تجاوزت ما هو مألوف في بلد عُرف دائماً بالتسامح والاعتدال والتعددية ، واستيعاب الاختلاف في وجهات النظر ، لكن هذه المرة وجدنا الأمور تذهب في منحنى خطير لم يكن في السابق ابداً على هذه الشاكلة ، لقد تخندق الجميع وراء وجهات نظرهم، وحولوا اختلافاتهم إلى اتهامات وتحصنوا وراء متاريس عالية وكأنهم أعداء ولا يجمعهم وطن واحد وهموم واحدة .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ما قيل هو سبب كل ذلك أم أن وراء الأكمة ما ورائها ؟ يبدو أن لعجز البيت شطر لا يريد أحد ان يتطرق اليه إلا من أراد حباً لهذه البلد ومنعاً لإنزلاقه في أتون مالا يحمد عقباه ، والمتتبع للجروبات على مواقع التواصل الإجتماعي لا يحتاج إلى جهد كبير لاكتشاف ان ثمة خوف وقلق كبير من قبل مكون رئيسي يرافقه شعور بالإقصاء أو على الأقل بالرغبة في ذلك ، استناداً إلى مجموعة من المعطيات قد تشير إليها توزيع هرم السلطات في الدولة ، والتي أعتُبرت نقطة البداية في تغيير قواعد التداول السياسي، ما زاد الطين بلة هي الهجمة التي شُنت على الملك عبدالله الثاني أثناء زيارته لواشنطن ، والتي اعُبرت مُدبرة وأنها خطراً جسيماً ، لأن الملك هو خط أحمر بالنسبة لهم .

هذه المعطيات أنتجت قناعة بأن ثمة مؤامرة تحاك ضد الملك وضد داعمه الأساسي والذي يعتبر نفسة نقطة الانطلاق للدولة وهو المكون القبلي ، والذي بات على ثقة بأن دوره ووجوده يتعرض للهجوم تمهيداً للهجوم على دور الملك ومكانته ، لذلك صار أكثر حساسية وتربصاً ، بالتالي فإن ما قيل ربما لم يكن ليشكل اي ردة فعل لو كانت الأمور على طبيعتها ، لكن وجود تصورات ومخاوف مسبقة جعلت الكلام يبدو وكأنه جزء من حملة منظمة هدفها النيل من المكون القبلي والعشائري تمهيداً لمشاريع مستقبلية في الإقليم مُعدة مسبقاً .

بناءاً على ذلك إن كان صحيحاً فأن التعامل مع ما حدث على أنه شيء عابر وسيمر على كل الأحوال يُعتبر خطاءاً جسيماً ،وهو ما يُحتم الحفر عميقاً في جذور المخاوف الاجتماعية والتعامل معها برشد بدون تسطيح وشخصنة ، وإلا فإننا نُعد بأنفسنا وصفة لخراب البلد الذي تمكن من تجاوز محن كثيرة وصمد في وجهها ، وهو قادر على الصمود في وجه محاولة قسمته داخلياً ، إذا تم التعامل مع الأمور بمنطق الحكمة والمسؤولية .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

اقرأ ايضا