الجمعة, مارس 29, 2024
الرئيسيةمقالاتفي رحاب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

في رحاب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

المستقل – نهلة المومني

في الوقت الذي شكل به العام 1948 علامة فارقة في تاريخ البشرية حقوقيا؛ نظرا لما شهده من وضع حجر الأساس الفكري لمنظومة حقوق الإنسان (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)، الذي أقرته الأسرة الدولية الأعضاء في الأمم المُتحدة باعتباره أول توافقٍ عالمي على المعايير الدنيا للحقوق والحريات، شهدت الاعوام الاخيرة انتكاسة عالمية محورية في تاريخ منظومة حقوق الإنسان، والخصيصة الأهم لهذه الانتكاسة انعكاسها السلبي على دول العالم النامي بشكلٍ رئيس.
خضعت منظومة حقوق الإنسان إلى اختبارين وجوديين خلال العامين السابقين تحديدا، الاختبار الأول: اختبار فعالية الجيل الثالث لحقوق الإنسان (جيل التضامن) وقابليته للتطبيق. والاختبار الثاني: عالمية المبادئ ومصداقية الالتزام بها.

الاختبار الأول: اختبار فعالية الجيل الثالث لحقوق الإنسان وقابليته للتطبيق، كشف أسلوب دول العالم في التعامل مع جائحة كورونا عن غياب النهج الشمولي في التعامل مع حالات الطوارئ التي تواجه حقوق الانسان وعن غياب المفهوم الواضح والرؤية العميقة لمفهوم التضامن الدولي؛ الذي جاءت جائحة كورونا لتضعه تحت اختبار صلب ومفصلي، لنجد أن العديد من الدول تقوقعت على ذاتها وانفصلت عن كينونتها العالمية وانتصرت لاحتياجاتها ومتطلبات بقائها على قيد الحضارة والحياة، ولم تنصهر معا في وعاء الإنسانية كما كان مؤملا. هذا الاختبار يجعلنا نفكر وبعمق، كيف أن الأسرة الدولية لم تستطع ومنذ عام 1945 وهو عام وضع ميثاق الأمم المتحدة من بناء نهج مؤسسي وعملي وإنساني بالمقام الأول قادر على مواكبة أي اهتزازات عالمية بتضامن انساني هو سبب نشأة ميثاق الامم المتحدة ابتداء.

الاختبار الثاني: عالمية حقوق الإنسان ومصداقية الالتزام بها، كانت الولادة الأولى لفكرة تقنين حقوق الإنسان على المستوى الدولي عام 1948 تنطلق من رحم فكرة العالمية، عالمية حقوق الإنسان، وان هناك معايير دنيا وقيما تشكل الحد الأدنى الذي يتوجب احترامها في دول العالم على اختلاف اطيافها وألوانها. في الخامس والعشرين من شهر حزيران عام 1993، اعتمد المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان إعلان وبرنامج عمل فينا، والذي سطر في المادة الأولى منه قاعدة العالمية برسوخ أعمق، وتجل قانوني أقر بأن عالمية الحقوق والحريات لا تقبل النقاش. وقد وضع هذا النص حدا لأي ذرائع أو حجج تساق من قبل الدول للتنصل من تطبيق حقوق الإنسان. إلا ان ما نشهده من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان وتحديدا للاقليات في العديد من البلدان كما هو الحال في الصين وما يتعرض له الايغور المسلمين هناك وضعت هذه العالمية على المحك.

أعتقد جازما أن ضمير الإنسانية أوجعته هذه الاختبارات، وأن اختباراتٍ بهذا الحجم تستدعي مراجعة شاملة، تنطلق ابتداء؛ بالعودة إلى المربع الأول بالتذكير والاقرار بالقيم المشتركة التي يوما ما أدى انتهاكها إلى اهتزاز ضمير الإنسانية، فوحدها قولا وفعلا واحدا لتقنين حالة حقوق الإنسان، مرورا بإعادة النظر في آليات الرقابة والمساءلة والمحاسبة، وصولا إلى قناعةٍ راسخةٍ بأن العالم دون وحدةٍ حقوقيةٍ لا يمكن أن يحقق جوهر حقوق الإنسان ومبادئها.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

اخبار تهمك