المستقل – نيفين عبدالهادي
مع انتهاء ساعات ظهر اليوم الثلاثاء تطوى صفحة جديدة من صفحات ملف امتحانات شهادة الدراسة الثانوية العامة لعام 2023 «التوجيهي» والذي كان قد بدأ في الرابع من تموز الماضي، لتبدأ معه مراحل جديدة، من تصليح لأوراقه وتدقيق وإعلان النتائج والقبول بالجامعات، وغيرها من التفاصيل التي تحمل في ثناياها ساعات تعب وجهد موزّع على الطلبة وأسرهم، وعلى وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي وحتى ديوان الخدمة المدنية في وضع الطلبة بصورة التخصصات واختيار الأنسب بشأنها.
ماكينة الثانوية العامة، لا تتوقف عن العمل حتى بعد انتهاء أداء الامتحانات، سواء كان في إتمام المرحلة الحالية، أو في الاستعداد للعام المقبل، حيث تبقى في حالة عمل دائم، لجهة التحضيرات ولجهة الاستعدادات والتحديث والتطوير، وما يزال هذا الامتحان يعدّ واحدة من أهم مهام الوزارات ذات العلاقة، في سعي لجعله دوما مرحلة دراسية هامة تلخّص سنين دراسة مدرسية ناجحة، بمخرجات ناضجة لمرحلة الدراسة الجامعية، وصولا لسوق العمل وتزويده بمؤهلين ومتمكنين بتخصصات يحتاجها ولا يزيد بها طابور الباحثين عن عمل.
ورغم كل الاستعدادات التي تسبق أداء امتحان الثانوية العامة، إلاّ ان ملاحظات كثيرة تتبع كل امتحان، ولا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا إن هذه الملاحظات والتي تذهب عند البعض للشكاوى، تكرر ذاتها في كلّ مرة يعقد بها الامتحان، مع شيء من التغيير والتنوّع كما حدث هذا العام بانتشار خبر تسريب أسئلة مادة من المواد، فيما دارت باقي الشكاوى والملاحظات في فلك صعوبة الأسئلة وخروجها عن المنهاج، ووجود أسئلة خاطئة وضيق الوقت، وغيرها من ملاحظات عمليا تتكرر باستمرار، وكما هي العادة فإن وزارة التربية والتعليم تسارع بالرد على كل ما يصلها من ملاحظات أو شكاوى بلغة بيضاء واضحة وحقائق تؤكد صحة روايتها وصحة إجراءاتها.
والسؤال اليوم، وامتحان 2023 يطوي صفحته، لماذا تتكرر ذات الملاحظات وذات الشكاوى، ولماذا لا تحسم هذه المسألة بشكل نهائي وتختفي عن أي طرح للثانوية العامة، فهل يعقل أن تتكرر ذات الملاحظات سنويا دون حسم لها، سيما وأنها تتكرر حدّ التشابه الكبير سنويا، الأمر الذي يؤكد وجود حلقة مفرغة وسط كل الاستعدادات سواء كان من قِبل الوزارة أو من قِبل الطلبة، يجب حسمها لجهة إنهاء هذه التفاصيل بشكل كامل، والحرص في وضع خطط أداء الامتحان أو تطويره لخروجه من دائرة الخوف والارتباك والشكاوى المتكررة بذات المضمون، وبالمقابل يترك لوزارة التربية أداء دورها في إجراءات عقد الامتحان وما يتبعه من تفاصيل أخرى، وعدم إدارة بوصلة اهتمامها للرد على الشكاوى والشائعات والمخالفات.
هذا الضغط الذي تعيشه الأسر التي في بيتها «توجيهي» والعبء الذي يقع على كاهل وزارة التربية خلال فترة أداء الامتحان، آن لكل ذلك أن ينتهي ويختفي الى غير رجعة، سيما وأن خططا يتم الإعداد لها لتطوير وتحديث الامتحان، والحصول على تغذية راجعة لهذه الدورة وغيرها ليس صعبا بالمطلق، على أن يلحق هذا التحديث بطبيعة الحال القبول بالجامعات والذي لا يقل قلقه عن أداء امتحان، كون هذا الامتحان مرتبط بالقبول بالجامعات ارتباطا وثيقا، فعملية التحديث يجب أن تشمل المنظومة كاملة، بحرص على إخفاء الصورة النمطية لهذا الامتحان الذي يطلق عليه كثيرون «بالبعبع».مع انتهاء امتحانات التوجيهي اليوم، يتساءل الجميع ماذا بعد؟
هل سيأتي في دورته القادمة بشكل جديد مختلف، والأهم من الجديد أن تختفي منه أي ملاحظات قديمة جديدة، متجددة، هل ستمر فترة الامتحانات بهدوء على الطلبة وذويهم وكل الوزارات ذات العلاقة، هل ستكون أيام هذا الامتحان كغيرها من أيام السنة، هل ستبدأ الامتحانات وتنتهي دون شكاوى وملاحظات ودموع وأمراض، هل سيكون التوجيهي حاضرا في منظومة التحديث بصورة تجعله مرحلة دراسية هامة لكنها سهلة على الطالب ووزارة التربية والتعليم؟!.