المستقل – كتب : علي الدلايكة
جاءت فكرة اللامركزية برغبة ملكية الهدف منها إحداث التنمية الحقيقية في المحافظات وتوزيع مكتسبات التنمية من خلال مجالس منتخبه تعمل بأسلوب متقدم وتكون قادرة على تحديد الاحتياجات والاولويات بمشاركة شعبية واسعة على مبدأ اهل مكة ادرى بشعابها.
ومن ابرز اهداف اللامركزية الخلاص من البيروقراطية القاتلة للعمل التنموي والزحام في المركز بالعاصمة عمان وان يكون هناك فصل تام بين العمل النيابي والخدماتي بما يضمن عدم انخراط النواب في الجانب الخدمي الذي يمس عملهم الرقابي والتشريعي ويضعف من دورهم تحت القبة .
أرى انه من الطبيعي ان يشوب عمل اللامركزية شيء من الارباك والضبابية في بداياتها، هذا الارباك مرده وسببه عدم التطبيق الفعلي لنقل الصلاحيات من المركز الى المحافظات بالشكل المأمول والذي يكفل قيامها بواجباتها المأمولة وعدم تمكينها ومساندتها بالادوات اللازمة والضرورية لذلك .
ان الحكم على هذة التجربة بالفشل المطلق فيه الكثير من التجني .. ولا ننكر ان هناك بطء في العمل وقد يكون هناك عدم انسجام في بعض الاحيان فيما بين اعضاء المجلس وعلينا للانصاف ان نتفحص بشفافية اسباب ذلك ومسبباته للخروج بحلول وتوصيات تضمن استمرار اللامركزية وقيامها بعملها وواجباتها على اكمل وجه.
ان الانجازات التي حققتها بعض مجالس المحافظات “اللامركزية” ، واذكر على سبيل المثال لا الحصر ما حققه مجلس محافظة اربد الاول حيث انه ورغم حداثة التجربة وما رافق ذلك من معيقات ادارية ولوجستية الا انه كانت هناك انجازات كبيرة على ارض الواقع ولمسها المواطنون واصبحت شاهد عيان على ما تحقق وما يمكن البناء عليه لتحقيق انجازات اضافية ، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان التجربة لم تفشل ولا زالت قادرة على الانجاز والبناء والعطاء اذا وجدت دعماً حقيقياً.
كان يجب ان نبني على ما تم انجازه ونطوره ونتلافى السلبيات ونعظم الايجابيات وان نجود القانون بالطريقة التي تضمن تقدم هذة التجربة والانتقال بها الى مراحل اكثر تقدماً وانجازاً .
ان الاخذ بيد هذة المجالس ودعمها وتمكينها سيوفر البيئة المناسبة لتجويد ادائها وما تُقدم في مجال التنمية والخدمات وان لا نتركها تصارع التحديات منفردة.
يجب ان يطور القانون الناظم لعمل المجالس كي يضمن التكاملية بينها وبين البلديات من جهة وبينها وبين الغرفة التشريعة في مجلس الامة من جهة اخرى وينهي حالة التناكف والتي صنعتها التعديلات على القانون بان يكون بعض رؤساء البلديات اعضاء معينين في هذه المجالس.
هذا المشروع على غاية من الاهمية وان ينظر له ومن الجميع انه اضافة نوعيه يخدم التنمية ويعزز الاصلاحات المنشودة وينهض بمستوى الخدمات في المحافظات وانه يعتبر ذراع قوي من خلال تحقيق الشراكة مع القطاع الخاص في بعض المشاريع التنموية والكبيرة منها والتي تنطلق من الميزة النسبية في المناطق والتي سيكون لها دور كبير في معالجة الفقر والبطالة وبشكل نسبي يتطور مع تطور الاداء وتوفير مزيدا من الدعم المالي لها من موازنة الدولة الاردنية وتوجيه الدعم لها بالتشبيك مع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية.
علينا ان نكون منصفين بالحكم عليها وتقييمها بشفافية خالية من التشهوات والغايات وبعيدا عن صراع المصالح والغايات الشخصية وان ننطلق بذلك من صالح الوطن والمواطن.


