المستقل – إعداد : ياسمين فؤاد ولويل
منذ سنوات طويلة واجه العالم ومازال حتى اللحظة يواجه تقلبات مناخية عديدة وذلك يعود لظاهرة (الاحتباس الحراري) الذي كان سببه انبعاث الغازات الضارة والسامة في الغلاف الجوي التي كان لها تأثيراً كبيراً وواضحاً جدا على الثروات الطبيعية تحديدا الغير متجددة منها، وكان العامل الأساس في ذلك يعود الى الثورة الصناعية التي حدثت في العالم.
وفي تقرير صدر مؤخرا من قبل لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة ورد فيه بأن نسبة مستويات الغازات التي تؤدي للاحتباس الحراري المتواجدة في الغلاف الجوي ارتفعت بشكل كبير جداً وهذا سيؤدي إلى حدوث تغيرات كثيرة على المناخ؛ و من شأنه أيضا أن يؤثر على سطح الأرض وعلى جميع الكائنات الحية الموجودة عليها من خلال انتشار الأوبئة والأمراض والكوارث.
* قمة غلاسكو :
أدت الثورة الصناعية في اواخر القرن التاسع عشر الى زيادة هائلة في عملية حرق الوقود الأحفوري، لأنه كان العامل الأساس لتشغيل المصانع وحتى تم استخدامه في المنازل.
وقد بينت الكثير من الدراسات البيئية قدرة ثاني أكسيد الكربون على زيادة درجات الحرارة؛ الأمر الذي يستدعي وجود تحرك دولي للحد والتقليل من هذه المشكلة فعقدت الكثير من المؤتمرات والقمم لعل أخرها كان مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في مدينة غلاسكو الاسكتلندية.
تم التركيز في هذه القمة على المفاوضات للحد والتقليل من ثاني أكسيد الكربون، وهو عبارة عن احدى الغازات الدفيئة والذي يتم اطلاقه عند حرق الوقود الاحفوري تحديدا مادة الفحم، وينتح أيضاً بسبب حرائق الغابات.
وبحضور نحو ١٢٠ قائد من مختلف العالم دعى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش ” آن الآوان للقول كفى”، وايضاً أضاف بأنه لا بد من ” انقاذ البشرية”.
لذلك كان اهم هدف في مؤتمر جلاسكو هو التأكيد والحرص على عدم تجاوز الاحترار الأرضي ١.٢ درحة، وهذه الدرجة لا تحل المشكلة ولكن تقوم بالحد من زيادتها خاصه مع استمرار تلوث الإنسان للبيئة والاستمرار في النشاطات الاقتصادية.
خاصة لأن عملية الاحتراز الأرضي ليس لديها تأثيرات متشابهة في جميع المناطق؛ فمثلا قد تعمل على ارتقاع درجات الحرارة بشكل مفاجئ تؤدي الى حدوث حرائق في الغابات، وفي مناطق أخرى قد تحدث اعاصير وامطار غزيرة، ومنطقة أخرى حدوث فيضانات مدمرة، هذا ما يتوقعه العلماء.
* انعكاس هذه الأزمة على الأردن :
بحسب ما قالته الناشطة البيئية هالة الحموي إنها متفائلة حيال الخطابات التي ألقاها قادة العالم والتي تضمنت العديد من التعهدات والمبادرات البيئية والتي تعتبر بالنسبة للدول النامية مثل الأردن خطوات مهمة جداً؛ لأنها تتأثر في الغالب بالآثار الضارة لتغير المناخ.
واضافت الحموي بأنه لابد من صياغة القوانين والالتزام بها في المراحل المقبلة لأنها ستكون أهم التفاصيل، وتطلع إلى النتائج وتأمل في مستقبل بيئي أفضل للأردن والعالم بأسره.
وقالت الحموي بأن الشباب هم الفاعلون الرئيسيون الآن، وفي المستقبل القريب، في وقت يعتبر فيه كوب 26 مهمًا لجميع البلدان، ولذلك فإما أن يكون علامة فارقة في إنقاذ العالم من تغير المناخ، أو سيكون دون مستوى الطموح. لأنه من الصعب في هذا الوقت المبكر من مؤتمر قمة المناخ تحديد ما اذا كانت المخرجات ستكون ضمن طموحات الشباب العربي أم لا، ولكن صياغة القوانين، والالتزام بها في المراحل المقبلة ستكون هي المفصل الأساسي.
وأعربت الحموي عن تفاؤلها لاستضافة دول عربية قمة المناخ لسنتين مقبلتين، خاصة اننا في الدول النامية متأثرين في الغالب لتغير المناخ ولسنا مؤثرين فيه.
وبينت ضرورة ادماج الشباب في كافة السياسات، فهم يمتلكون المعرفة، وقادرون على تخطيط وتنفيذ ومراقبة العمل المناخي.
ومن جهة أخرى أوضح رئيس مجلس اتحاد البيئة عمر شوشان بأن الأردن من البلدان التي تعاني من شح المياه بالتالي فهي معرضة بشكل كبير لمخاطر تغير المناخ، الذي بات يعد ظاهرة عالمية.
فحسب ما اشار اليه التقرير الوطني الشامل فيما يتعلق بتغير المناخ في الأردن؛ فإن تساقط الامطار سوف يتراجع بنسبة تقارب ١٥ في المئة وقد تصل الى ٢١ بالمئة في الأعوام المقبلة.
وبين شوشان بأن مصادر المياه الجوفية والينابيع جفت خلال السنوات التي مضت وتراجعت فيما يقارب ٥٠ في المئة.
وقال شوشان أن الأردن قادر على الوقوف أمام التغير المناخي اذا تم استيعاب الفرص المتاحة من طاقة شمسية وغيرها من مصادر الطاقة البديلة، وذلك من خلال برنامج استراتيجي يتجاوب مع متطلبات التغير المناخي خصوصاً مع التغير في معدل درجات الحرارة ومعدل الهطول المطري السنوي، “إضافة إلى أننا أمام مرحلة طويلة من التقلبات المناخية غير الاعتيادية وسيكون لها تأثيرات واسعة على الطبيعة والمناخ”.
وفي لقاء أجري مع مدير مديرية التغير المناخ في وزارة البيئة المهندس بلال شقارين، أشار الى أن المملكة وضعت خططاً للتغيير المناخي، وهي خطط للتكيف مع التغيرات القادمة والعمل على البنية التحتية للتكيف مع هذه التغيرات بحيث يتم تحديد المناطق والفئات والقطاعات الاكثر هشاشة التي بحاجة ماسة للتكيف مع هذه التغيرات، المرأة والاطفال وكبار السن من اكثر الفئات تضررا لاثر التغير المناخي، وتحديث السياسة الوطنية للتغير المناخي بحاجة الى اشراك جميع مؤسسات المجتمع الوطني والدولي وحتى القطاعات الحكومية، فالمرأة مثلا مسؤوليتها ضخمة في عائلتها وعملها ويقع على عاتقها العديد من المسؤوليات وهي معرضة للضغوط اكثر من الرجل بسبب التغير المناخي فهي اذا بحاجة الى حملات من التوعية والانشطة واشراكها في السياسات المرسومة وفي اتخاذ القرار حتى نرفع من قدرتها للتكيف امام التغيرات المناخية القادمة، فقد قمنا بالعديد من حملات التوعية في عدة مناطق منها الاغوار ولكننا دائما بحاجة الى المزيد ومسؤوليتنا بالتنمية المستدامة وحفظ المصادر الحالية للأجيال القادمة.
وبين شقارين أن المناخ هو رد افعال الانسان وتطاوله على البيئة خلال الاعوام السابقة خاصة ما بين 1970 الى 2004.
ومن الجدير بالذكر ان الهواء في الطبيعة يحتوي على مجموعة من الغازات المهمة منها النيتروجين بنسبة78 % والأكسجين ٢١% ، بالإضافة إلى وجود عناصر أخرى متواجدة بكميات قليلة مثل ثاني أكسيد الكربون والنيون والهيليوم وغيرها تبلغ نسبتها 1% ولكن إذا اختلفت قيمة هذه النسب بسبب وجود غازات ملوثة وضارة يعتبر الهواء حينها ملوثاً، ومن هذه الغازات أكسيد الكربون، النيتروجين والكربون، وكان من أهم مصدر للملوثات في الأردن هو وجود المصانع اذ تسببت الغازات الصادرة منها في زيادة نسبة تلوث الهواء. المصدر :شركة المدن الصناعية الأردنية 70% من الانبعاثات الحالية هي انعاكاس لسلوكيات الانسان ورفع نسب الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وهي المسبب الرئيسي للاحترار العالمي وهو المؤثر الرئيسي على اغلب مناحي الحياة منها انخفاض الهطولات المطرية وشكل هذه الهطولات ومكانها، الجفاف، تغيرات خطيرة في مستوى سطح البحر والتأثير على المجتمعات البشرية، وعليه حاليا في الاردن نخطط للاعوام القادمة بكيفية التعامل مع التغيرات المناخية القادمة فالاردن من الدول التي عملت مبكرا بطريقة (توقع القادم) عبر انظمة ونمذجة رياضية علمية بحيث نتوقع ما التغيرات وما سيحدث مناخيا مستقبلا.
وردا على سؤال حول تأثير التغير المناخي على المملكة، ضرب الشقارين مثلا على انخفاض الهطولات المطرية ما بين 15- 20% خاصة ان الهطولات يتغير مكانها الى المناطق التي ترتبتها لا تمتص المياه وشكل الهطولات تغير وكميات الهطول الى هطول عاصفي مشكلا فياضانات وسيول مما تؤدي الى انجرافات بالتربة فكل واحد سم من التربة الخصبة يحتاج الى 30 عام لاستعادته وتعويضه ، غير ان الاردن يعتبر من افقر الدول مائيا فحصة المياه للفرد كانت في العام 1946 تبلغ 3600 متر مكعب اما في عام 2017 بلغت حصة الفرد 100 متر مكعب وما زالت تتناقص رغم ان خط الفقر المائي العالمي يبلغ 500 متر مكعب من حصة الفرد اي ان الاردن تحت خط الفقر بكثير.
* الفرص والتحديات :
اوضح الشقارين ان احد اساليب الطاقة المتجددة هي ال Wheeling ، اي ان تقوم احد مصانع عمان بإنشاء مزرعة خلايا شمسية في الرويشد تربط بالشبكة الوطنية ، وتقوم بانتاج الكهرباء بالرغم من انها في مكان اخر لكن تعوض كمية الاستهلاك التي يحتاجها هذا المصنع وبسبب قلة المساحات يمكن استغلالها في مناطق اخرى، عوضا عن اثرها البيئي بتخفيض الانبعاثات من خلال تحويل المصادر من شمسية الى كهربائية كونها طاقة نظيفة وتخفيض التكاليف خاصة بان احتياجاتنا النفطية أغلبها مستوردة، ولا تحتاج الى صيانة مستمرة كون عمرها الافتراضي ما يقارب 25 عام ونحن في تطور مستمر وكبير لهذه الخلايا وبشكل متزايد، وايضا تطرق ال ان سلبياتها شبه معدومة تقتصر بالتأثير على هجرة الطيور للمناطق التي تحتوي على مزارع الخلايا الشمسية.
وحتى بطاريات سيارات الهايبرد تم تطويرها بحيث يتم استخدامها مدى الحياة بدلا من تغييرها كل خمسة اعوام كما كان بالسابق ، وسيارات الكهرباء حاليا يتم تطويرها بشكل سريع جدا بحيث اصبحت تقطع مسافات كبيرة مقارنة بسيارات الكهرباء التي انتجت فقط منذ عام، فالتطور التكنولوجي مستمر وسريع جدا.
* الرؤية والخطط المستقبلية :
من ضمن اتفاق باريس هناك مساهمات وطنية محددة في تغير المناخ، حيث تم رفع مساهمة المملكة من 14% الى 31%، ويتم ذلك من خلال منهج ال Business as usual الذي يعنى بدراسة كل القطاعات بتطوراتها الطبيعية والتي تعتمد بالاساس على الوقود الاحفوري والطاقة غير المتجددة وتستعين بالامور التقليدية، ثم يتم دراسة الانبعاثات الصادرة لتنفيذ مشاريع تخفض هذه الانبعاثات وهذه المشاريع مهمة جدا خاصة بالطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
وزارة البيئة الان ضاغطة باتجاه الموافقات وتسهيلها في مجال الطاقة المتجددة ومحاولة ايجاد حلول للمشاكل والمعوقات مثل نسب انتاج الطاقة في الاماكن المزدحمة سكانيا نسب التوليد فيها لا تتناسب مع نسب الاستهلاك .
أيضا اضطرار المملكة لتأمين كمية استهلاك ملائمة وبنفس الكمية من الطاقة المتجددة في مختلف الاوقات والفصول، اغلب الاستهلاك للطاقة موجه للتبريد والتدفئة والانارة حيث ان ساعات الذروة احيانا تكون مساءا وعملية التوليد صباحا ولا يوجد الى الان طرق تخزين مطبقة للطاقة المولدة وكيفية تعويضها في الساعات التي لا يتوفر فيها اي انتاج.
* حلول ومقترحات :
هناك عدة حلول مقامة حاليا منها تنويع مصادر الطاقة المتجددة بين رياح وطاقة شمسية ومصادر مائية، فالرياح تنشط ليلا والطاقة الشمسية نهارا بحيث يعوض كل منهما الاخر لكن هناك معوقات جديدة وهي ان طاقة الرياح مكلفة اكثر وتحتاج الى مساحات كبيرة بوجود تيار هوائي دائم ومستمر طوال العام وهي قليلة بالمملكة ويتوفر حاليا فقط على طول حفرة الانهدام وهي الاكثر تناسبا.
لكن تبقى الطاقة الشمسية هي الطريقة الافضل كونها الاقل كلفة وبوجود 360 يوم مشمس بالسنة وعدد ساعات النهار في المملكة جيد، وهناك عدة مشاريع مقترحة ما زالت قيد الدراسة ستكون ناجحة جدا لتخزين الطاقة المولدة من خلال السدود ولا تحتاج الى كميات ضخمة من المياه وتتم العملية من خلال خزان مياه سفلي واخر علوي يتم رفع المياه نهارا باستخدام الطاقة المتجددة الى الخزان العلوي ويتم نقلها ليلا من الخزان العلوي الى الخزان السفلي من خلال انابيب تحتوي على توربينات تولد الطاقة من جديد فهي تمثل حلقة او Circle يتم استخدام الطاقة نهارا واعادة انتاجها ليلا.
التحول للنقل الكهربائي هي ايضا طريقة تخزين اخرى واستعمال الطاقة المتجددة في الحافلات العمومية والسيارات بحيث لا تذهب الطاقة المولدة هدرا.
يتم العمل حاليا ايضا بالتعاون مع وزارة التخطيط لخلق فرص خضراء جديدة ووضع خطة طويلة الامد تصل الى خمسين عام.