20.1 C
Amman
الخميس, أبريل 24, 2025
spot_img
الرئيسيةالمانشيتعمر السواعده يكتب : لماذا أغضبتم الدولة؟

عمر السواعده يكتب : لماذا أغضبتم الدولة؟

المستقل – كتب: د عمر كامل السواعده

في زمنٍ تتراخى فيه أعصاب الدول، شدّ الأردن أعصابه. وفي زمنٍ تُرهب فيه الفوضى الحكومات، قررت الدولة الأردنية أن تكون هي الرهبة. اليوم، لا مجاز ولا مبالغة: حُظِرَت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، صودرت ممتلكاتها، وطُوِّقت مقراتها، وأعلنت الأجهزة الأمنية حالة حزم لا تقبل التأويل #عاجل_الآن لم يعد عنوانًا لخبر عابر، بل لإعلان مرحلة، وعهد جديد لا مكان فيه للمتربصين.

هل ظننتم أن الدولة ستبقى في مقعد المتفرج، وأن تحريضكم سيُغلف برداء “الرأي الآخر” إلى الأبد؟ هل راهنتم على ما بقي من صبرها؟ أم ظننتم أن أجهزة الأمن، التي ترصد كل نبضة في الأرض، لا ترى التنسيق بينكم وبين فصائل الخارج؟
قلنا لكم: انتبهوا، فبعض الغرف المغلقة تُفتح على مصير بلد. استهزأ البعض، وصفنا آخرون بــ “الفتنجيين” و “الوطنجيين”، بالمهووسين بالأمن. واليوم، اتضح أن تحذيراتنا لم تكن توهّماً، بل رؤيةٌ مبكرة لخريطة خيانةٍ كانت تُرسم على مهل.
قلنا إن الجماعة لم تعد جماعة سياسية داخلية، بل منصة لوجستية عابرة للحدود. قلنا إن تحركات الشارع لم تكن عفوية، وإن شعار “كل الأردن حمساوية” لم يكن هتافًا انفعاليًا، بل مانيفستو نوايا مدروس. ومع ذلك، منحتكم الدولة فرصةً وراء أخرى، فتحت الأبواب، دعتكم إلى المراجعة، لم تغلق منافذ التعبير، بل فتحتها على مصراعيها، فأغرقتموها بدخان الفتنة.

اليوم، قالت الدولة كلمتها، وقالتها باللغة الوحيدة التي تفهمونها: الحظر والمصادرة والتطويق. لا بيانات إنشائية، ولا وساطات، ولا لجان حوار جديدة. هذه المرة، لا مهرب من الحقيقة: تخليتم عن الوطن، فتخلى عنكم.

حين تحدثت الدولة، لم تتحدث عن خلاف سياسي، بل عن نشاط إرهابي. لم تتحدث عن تباين في وجهات النظر، بل عن مخطط اغتيال الدولة من الداخل. بالفعل، تم تعرية الوجوه التي كانت تُقبّل رأس الدولة نهارًا وتصنع العبوات الناسفة ليلًا.

أقول للوطنيين الشرفاء ممن لا يزالون في الحزب، أو ممن استطاع الفكر الأيديولوجي المنحرف أن يختطف وعيهم الوطني، عودوا إلى صف الوطن، قبل أن يُغلق الباب، قبل أن تخلط الفتنة بين الوطني والمُندس، بين من ضل الطريق وبين من كان هو الطريق إلى الخراب.
هذه لحظة صدق مع النفس قبل أن تكون لحظة حساب مع الدولة.

وإلى كل يدٍ غادرةٍ غرّرت بأبنائنا، وجرتهم إلى مستنقع الفكر الأسود ومخططات التفجير، سواء في دهاليز المواد المتفجرة أو في أقبية تحريف العقول: اتركوا أبناء الأردن وشأنهم، دعوهم يبنون وطنهم، دعوا هذا الوطن يعيش بسلام، دعوا راياته تُرفع لا تنحني، لا تكسروا ظهر هذا الحمى العربي العروبي، دعوا الهاشمي يحمل الهم الفلسطيني بصدق وأمانة، لا تطعنوا الصادقين، وكفاكم انحيازا الى الجانب الخطأ.
تقبّلوا الحقيقة المرّة: الأردني عاد اليوم إلى حيث يجب أن يكون، مصطفًا خلف قائده، وجيشه، وحكومته، متمسكًا ببيعته للعرش، لا تهزه عاصفة، ولا تضلله شعارات المراهقة السياسية. فيا من بكى على الأطلال، ها هي الأطلال تدير ظهرها لكم، ويا من تغنيتم بالمظلومية، هنيئًا لكم ظلالها الممتدة.

وللدولة نقول:
إن غياب الرواية التاريخية الصلبة، وفتور الخطاب الإعلامي الوطني، سمح للإرهابيين أن يشوهوا عقول أبناء الوطن. تُرك الشباب بلا درع فكري، بلا قصة وطنية تُلهمهم، بلا هوية وطنية واضحة المعالم، فوجدوا في دعاة الخراب قصةً مشوقة مغلفة باليقين.

هؤلاء الشباب، الذين كان من المفترض أن يُوظّفوا عقولهم في رفد نهضة التصنيع العسكري الأردني تحت مظلة المركز الأردني للتصميم والتطوير، وبناء الاقتصاد السيادي، وتطوير البنية الأمنية الوطنية، اختطفتهم يد الإرهاب، وجرّتهم إلى مستنقعات فكرية تديرها جماعات الظل العابرة للحدود.

الدولة مطالبة اليوم، بعد أن أنهت المعركة الأمنية، أن تبدأ معركة الوعي. معركة الرواية الوطنية، ومعركة الإعلام الوطني الجريء، ومعركة استعادة الحكاية الأردنية من أفواه الغرباء.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

اقرأ ايضا