المستقل – تتجه أصابع الاتهام إلى إيران وحزب الله بتأجيج الوضع في الساحل السوري، رغم نفي الميليشيا اللبنانية صلتها بالتطورات الأخيرة.
ووصفت مصادر دبلوماسية غربية الحديث المتوسع عن دور اللبناني في التمرد الدامي الذي شهدته مدن الساحل السوري خلال اليومين الماضيين، بأنه جرس تنبيه لأزمة استثنائية قابلة للتفاعل داخل الساحة اللبنانية المثقلة أساسًا بالأزمات المتناسلة.
وأكدت المصادر أن ما كان مخططًا له في هذا التمرد، هو أن يكون بداية مواجهة كثيفة تستهدف اقتطاع الساحل عن سوريا وإدارته من قبل حزب الله و.
وخرجت بيانات من سوريا تلمّح إلى دور إيران وأذرعها في التخطيط والرعاية للعمليات المسلحة والدعوات الانفصالية التي انفجرت في المحافظات التي تتركز فيها “فلول النظام السابق”، إضافة إلى تقارير تتهم حزب الله بالمشاركة في تسليح المتمردين.
كما نُشرت في تركيا تقارير بذات الاتجاه، وأعقبتها روايات عن لقاء جمع قيادات من الحرس الثوري الإيراني وآخرين من جيش النظام السوري السابق، انعقد قبل أسبوع في مدينة عراقية لتنظيم ودعم فلول نظام الأسد في مدن الساحل السوري.
وبحسب تقدير المصادر، فإن هذه التقارير والاتهامات لحزب الله، رغم أنها ليست جديدة، إلا أنها هذه المرّة بدأت تتفاعل بحدة، مشفوعة بمطالب التسريع في نزع سلاح الحزب، وقد أصبح هذا السلاح سببًا لقطيعة محتملة مع النظام الجديد في دمشق.
المحلل السياسي الدكتور جبران طعمة، وفي قراءته للتداعيات المحتملة لاتهام حزب الله بالتدخل المسلح في سوريا، ينطلق من قناعة بأن لبنان، الذي توارث الأزمات الداخلية منذ الاستقلال، بات موصوفًا الآن بأنه “مصنع للأزمات”.
ويعزز طعمة هذه القناعة بشواهد مما تعاقب على المعادلة اللبنانية الداخلية من أزمات خلال السنوات القليلة الماضية، والتي لها ما يماثلها مما يتفاعل الآن وما هو قيد البناء النشط.
وأشار في هذا الإطار إلى دور الحزب في تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية لفترة طويلة، وما أعقبه من أزمة تشكيل الحكومة، مرورًا بأزمة الثقة، وليس انتهاءً بمعضلة نزع سلاح حزب الله تنفيذًا لاتفاق وقف النار مع إسرائيل، وصولًا إلى الأزمة التي طفت على السطح قبل يومين بخصوص تعيينات رؤساء الأجهزة الأمنية.
ويُفصّل الدكتور طعمة هذه الأزمة الخاصة بالتعيينات، والتي انتقل الحديث فيها إلى العلن يوم أمس الأول، قائلًا إن حزب الله يعتبر موقع المدير العام للأمن العام من حصة الطائفة الشيعية، بينما يراه الآخرون محكومًا لاتفاق وقف الحرب مع إسرائيل، وترتيباته ترتهن بالمساعدات الدولية المقررة للبنان.
وقال إن “ماكينة تصنيع الأزمات” في لبنان لديها ما يشغّلها لأشهر طويلة قادمة، حسب تقديره.
هل اقترب موعد نزع سلاح حزب الله؟
المحلل السياسي شريف القاضي، من جانبه، يقرأ في خلفيات الحديث عن دور حزب الله في تمرد فلول نظام الأسد، وفي الترتيبات لفصل بعض محافظات الساحل عن مركزية الدولة في دمشق، باعتبارها بدايات للفصل الأخير في تحجيم حزب الله ونزع سلاحه وتغيير هويته.
وفي تقديره، فإن خصوم حزب الله داخل التركيبة اللبنانية سيجدون في غضب النظام السوري على الحزب قضية يصعب السكوت عن أسبابها، كونها تحيي تاريخًا من الهواجس والعلاقات غير المستقرة بين البلدين، وفق تعبيره.
ويضيف في هذا السياق أن المواجهة بين حزب الله والدولة اللبنانية تبدو الآن وشيكة مع تجمّع دواعيها وتزامن استحقاقها، وآخرها موضوع دور الحزب اللبناني في التمرد المسلح بالساحل السوري.
ويستحضر القاضي، في قراءته، أن موعد نزع سلاح حزب الله تستعجله الأطراف المشاركة والراعية لاتفاق وقف النار مع إسرائيل. كما أن التحقيق في أسباب تفجيرات مرفأ بيروت أوشك على استدعاء نواب وسياسيين وتنفيذيين محسوبين على الحزب، بمن فيهم المدير العام السابق للأمن العام عباس إبراهيم، ورئيس الحكومة السابق حسان دياب، والوزير السابق غازي زعيتر.
وهذا يعني، حسب قوله، أن لبنان، الموصوف بأنه “مصنع الأزمات”، بات الآن على مشارف أزمة قد تكون غير مسبوقة في خطورتها.