11.1 C
Amman
الإثنين, ديسمبر 23, 2024
الرئيسيةمقالاتمعضلات السياسة الروسية الخارجية

معضلات السياسة الروسية الخارجية

المستقل – الدكتور عثمان الطاهات

تواجه روسيا عدة معضلات في تحقيق سياستها الخارجية، منها ما هو داخلي، أي حالة الأوضاع الداخلية الصعبة. ومنها ما هو خارجي، نابع من المحيط الذي تتحرك فيه والذي يتميز بهيمنة أمريكا. وكان الاهتمام الكبير داخليا يتمثل في استرجاع روسيا عافيتها اقتصاديا، والقضاء على المشاكل الاجتماعية، وحماية تماسك الدولة وأمنها. ورغم ما تحقق من إنجازات، فإن هذه المسائل الداخلية ما زالت تعتبر من المعضلات الكبرى التي تواجهها السياسة الروسية الخارجية: ما يتطلب بذل جهود أكبر لتجاوزها، والانطلاق في تنفيذ السياسة الخارجية بحرية وسهولة أكبر من هذه العوائق.

أما المعضلات الأخرى، منابعة من المحيط الذي تتحرك فيه روسيا التي تسعى إلى إبراز دورها واستعادة مكانتها العالمية، وهي متأكدة أن القوى الغربية تعارض ذلك بشدة ولا تكتفي بجعلها ضعيفة، بل تسعى بجد إلى عزلها وتطويقها، في الوقت الذي تسعى هي إلى إثبات نفسها ومكانتها وإجبار الغرب على الاعتراف بذلك. ولهذا فإن التوسع الغربي – وبخاصة الأمريكي – في مناطق نفوذ الاتحاد السوفياتي السابق، يثير مخاوف روسيا التي تعتبره تدخلا في شؤونها وتحديا لأمنها؛ بل إن الهيمنة الأمريكية على هذه المناطق تهدد هوية روسيا الأورو – آسيوية وتقلل من دورها الإقليمي ثم العالمي، وهي متأكدة بأنها لو لم تستطع تأكيد دورها الإقليمي في مناطق الاتحاد السوفياتي السابق، لفشلت في تأكيد نفسها كقوة عظمى وما سلوكها في جزيرة القرم وأوكرانيا مؤخرا، إلا دليل على هذا، وأهم المعضلات التي تواجه السياسة الروسية الخارجية هي:

اولا: المعضلة السكانية ‎لهذه المعضلة أهمية كبيرة وبخاصة بسبب صعوبة الحلول المقترحة لمواجهتها وإمكان تأثيرها السلبي بقوة في توجهات روسيا الخارجية ومكانتها عالميا، بل وتأثيرها في مستقبلها ككيان، وتعود هذه المعضلة إلى انخفاض عدد سكانها، الذي أصبح يمثل تهديدا خطيرا للأمن القومي الروسي ولمستقبل روسيا، وبخاصة أن نسبة الانخفاض كبيرة جدا لم تشهدها أي دولة. ففي خطاب لبوتين عام 2001 أبدى اهتماما كبيرا بهذه المشكلة، حيث اعتبر أن عدد سكان روسيا يتناقص بمعدل 750 ألف نسمة سنويا، وهناك احتمال أنه في عام 2050 سوف يصبح عدد السكان أقل من 22 مليونا، وأنه إذا استمر هذا الانخفاض بهذه النسب، فسيكون هناك تهديد حتى على بقاء الدولة الروسية. وفي خطاب آخر في عام 2006 أمام الدوما، أعلن أن عدد سكان روسيا خلال عام 2005 تناقص بـ 700 ألف نسمة، وحذر من احتمال انقراض الشعب الروسي إذا استمرت نسب الانخفاض كما هي. ومن الواضح أن يكون للانخفاض هذا، انعكاسات سلبية ومخاطر كثيرة وبخاصة في المديين المتوسط والطويل على المجالات كلها، ومنها مجالا السياسة الخارجية والمكانة العالمية لروسيا كقوة.

ثانيا : المعضلات الاقتصادية رغم الإنجازات الاقتصادية الكبرى التي حققتها روسيا منذ عام 2000، إلا أنه ما زال الكثير من المعضلات التي تواجه النمو الاقتصادي وبخاصة مستوى أداء الاقتصاد، وانعكاس النمو الاقتصادي على معيشة السكان. إضافة إلى قدرة الاقتصاد الروسي على الاندماج في الاقتصاد العالمي، وذلك أن مكانة روسيا في هذا الاقتصاد تعتمد على قدرة اقتصادها على مواصلة النمو بمعدلات مرتفعة. وتظهر بعض مظاهر المعضلات الاقتصادية في روسيا في عدد من القضايا أهمها: ارتفاع معدلات التضخم بنسب كبيرة، والتبعية للخامات ومخاطر تراجع أسعارها في الأسواق العالمية، وخطر الأزمة المالية العالمية، لأن روسيا لا ترتبط بالاقتصاد العالمي بأسعار الخامات فقط، بل وبتدفق رأس المال. كما يواجه الاقتصاد الروسي معضلة رئيسية وهي نقص الأيدي العاملة، وبخاصة في القطاع الزراعي بسبب النزوح إلى المدن وتراجع عدد السكان كما أشرنا.

ثالثا : المعضلات الأمنية منذ البداية وروسيا تواجه معضلات أمنية كبيرة، بدأت بالنشاط الإرهابي، وبخاصة في الشيشان والمناطق المجاورة لها، بل امتدت إلى روسيا نفسها، وإلى موسكو العاصمة، إضافة إلى تفشي الجريمة بمختلف أنواعها وعدم الاستقرار الداخلي، وهناك معضلات أمنية لروسيا في جوارها الإقليمي وفي جوارها الأوسع، والتي تتمثل بالوجود الأمريكي في آسيا الوسطى والقوقاز وبإقامة الدرع المضادة للصواريخ في شرق أوروبا، وبتوسيع مجال الناتو.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

اقرأ ايضا