المستقل – قرأ محللون ذوو اختصاص في متابعة الملف السوري، إشارات لافتة في نتائج زيارة لقاء بعثة الخارجية الأمريكية يوم أمس الجمعة مع ممثلين عن “هيئة تحرير الشام” بقيادة أحمد الشرع، تشير إلى مستجدات رئيسة تقرع الجرس بشأن حسم مستقبل المسألة الكردية ومصير قوات سوريا الديمقراطية ( قسد).
الأكاديمي بشار الخليلي، المتخصص بقضايا الأقليات في الشرق الأوسط، قرأ في نصوص حديث رئيسة البعثة الأمريكية باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، عما بحثته مع الشرع، تغييرًا قال إنه لا يمكن القفز عليه، يسوّغ التحقق مما إذا كانت واشنطن “باعت بعض مواقفها المحتضنة للأكراد لتشتري التحالف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من جهة، ولتسهل على النظام الجديد في دمشق سرعة عبور المرحلة الانتقالية من جهة أخرى”.
فيما يخص الأكراد، قالت الدبلوماسية الأمريكية إن الظروف التي كانت دفعتهم في شمال شرق سوريا إلى الدفاع عن أنفسهم تغيرت بشكل كبير للغاية، وإن الانتقال المنظم لدور “قوات سوريا الديمقراطية” أفضل السبل للمضي قدمًا.
ويرى الخليلي في هذا الموقف الأمريكي لغة جديدة تجاه “قسد” ودورها في قيادة المكون الكردي، وهو موقف يلتقي في منتصف الطريق مع ما كان الشرع تحدث به، وهو يصف قوات سوريا الديمقراطية بأنها لا تمثل كل الأكراد.
كما يتلاقى مع ما أعلنه الرئيس التركي خلال اليومين الماضيين بشأن أجندة أنقرة تجاه سوريا، وكيف أنه، رجب طيب أردوعان، سيعزز هذه الأجندة في لقائه المنتظر مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
وأضاف الخليلي أن التغيير في الموقف الأمريكي بشأن الملف الكردي ظهر أيضًا في حديث باربرا ليف المتفهم للدور التركي في شمال سوريا، انطلاقًا من قول البعثة الأمريكية إن واشنطن تبذل جهودًا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في مدينة عين العرب (كوباني).
فعلى حين شددت المبعوثة الأمريكية على أنه لن يكون لإيران أي دور على الإطلاق في سوريا، “ولا ينبغي لها ذلك”، فقد أكدت أن تركيا لها دور كبير ونفوذ تاريخي ومصالح أمنية وطنية في سوريا.
وبدوره يرى المحلل السياسي علي أبو صفية، أن بعض ما اتفقت عليه بيانات البعثة الأمريكية والإدارة الانتقالية في دمشق بشأن مستقبل “قسد” والأكراد ومجمل الحدود المشتركة مع تركيا، يجوز تسميته تقاسمًا للأدوار بين أنقرة وواشنطن، وبرضا دمشق.
وكانت القيادة العامة السورية أعلنت في بيان يوم أمس، أن الجانب الأمريكي أكد دعمه للإدارة السورية الجديدة في مواجهة التحديات الكبرى، مثل منطقة شمال شرق سوريا، وذكرت أن البعثة الأميركية أكدت دعمها للخطوات المعلنة من الإدارة السورية الجديدة.
ويشير أبو صفية إلى حقيقة أن بعض ما حمله الوفد الأمريكي لدمشق هو خلاصة مؤتمر العقبة الذي كان ضم طيفًا عريضًا من الدول العربية وتركيا والأوروبية مع الإدارة الأمريكية، وتم فيه التوافق على برنامج عمل مشترك لدعم النظام الجديد في سوريا، والمشاركة في ترسيم خريطة الطريق الجديدة له.
ويشير في هذا الخصوص إلى أن محادثات ألمانية مع تركيا جرت في أنقرة هذا الأسبوع صدر عنها بيان ألماني، طلب نزع سلاح الجماعات الكردية المسلحة في سوريا وضمها إلى القوات الأمنية للحكومة الجديدة بالبلاد، بما يراعي أمن الأكراد ويعالج المخاوف الأمنية التركية لضمان الاستقرار.
ويرى أبو صفية في كل هذه الشواهد ما يعزز القناعة بأن التوزيعة الجديدة للتحالفات ضمن الملف السوري تقوم على تقاسم للأدوار الرئيسة بين واشنطن وأنقرة، وهو أمر لقي حتى الآن اعترافًا من عديد الأطراف بـ”أمر واقع لا يمتلك الأكراد معاندته”.