المستقل – حاوره – طارق خضراوي
خص رئيس مركز الأحرار لتحليل السياسات الدولية سعادة النائب الأسبق والخبير السياسي الدكتور أحمد الرقيبات موقع المستقل الإخباري بـ”تحليل عميق” تناول فيه العملية العسكرية واسعة النطاق التي قامت بها كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” يوم السبت الموافق 7 أكتوبر 2023م في العمق الجنوبي للكيان الصهيوني الغاشم تحت عنوان “طوفان الأقصى”.
وقال الدكتور الرقيبات خلال اللقاء الذي اجراه معه موقع “المستقل” الاخباري اليوم الاربعاء الموافق 11/10/2023 ، بان الأمة العربية خاضت حروباً عدة مع الكيان الصهيوني الغاصب ولم تحقق نصرًا نفخر به كهذا النصر وأبرموا مع هذا الكيان عملية سلام منذ عام 1978م حيث تمت هذه العملية بين الكيان وجمهورية مصر العربية برعاية أمريكية وتلتها اتفاقيات مثيلة مع السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية الهاشمية. ثم تلاها اتفاقيات تطبيع علاقات مع بعض الدول العربية إلا أن اليمين المتطرف في هذا الكيان الغاشم أبا واستكبر أن ينفذ أي تعاقد وقعته حكوماته المتعاقبة منذ كامب ديفيد وحتى تاريخ اليوم بل ما زال يحاول القفز عن القضية المركزية العربية ويرفض حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة والملزمة بموجب القرارات الدولية.
وأضاف الرقيبات ” يستمر هذا الكيان ضاربًا يده بعرض الحائط حيث تفاقمت اعتداءاته اليومية على أبناء هذا الشعب الفلسطيني الأعزل المحاصر وكأنه في سجن كبير منذ اليوم الأول من اغتصاب أرضه وحتى يومنا هذا. وتعدت اعتداءاته اليومية على البشر وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة متجاوزًا مشاعر كل من يعيش على هذا الكوكب ” .
وتابع السياسي الرقيبات ” نعم، لقد بدأت معجزة (طوفان الأقصى) من شواطئ غزة العز والكرامة وتمكن أبطال القسام من اختراق حدود الكيان الغاصب جوًا وبحرًا وبرًا وكبدوا العدو الصهيوني خسائر بالأرواح والمعدات لم يعتادها خلال الخمسة والسبعون عامًا الماضية. وكان ذلك على مرأى ومسمع العالم أجمع وباعتراف الكيان المعلن على وسائل إعلامه وإعلام دول العالم أجمع”.
واكد الرقيبات ان أبطال القسام أبناء غزة والشعب الفلسطيني الحر المناضل الذي لم ولن تنحني جباهه قط إلا لله وحده لا شريك له لقنوا هذا الكيان درساً سيبقى وحلفائه وداعميه يتذكرون هذا الدرس إلى الأبد رغم الفارق الكبير بين إمكانيات الكيان وإمكانيات الشعب الفلسطيني الأعزل ، مشيراً الى إن كل ما سيفعله الكيان بعد هذا النصر لن ينقص شيئًا من هيبة هذا النصر وأبطاله.
واكمل الرقيبات حديثه قائلاً : وللإنصاف أقولها وبأعلى درجات المسؤولية القانونية والإنسانية إن ردود فعل بعض الأنظمة العربية على هذا النصر لم ترتقي للمستوى المطلوب الذي يلبي طموحات شعوبها وإن الشارع العربي قد ينفجر كالبركان. أما ردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم دول الاتحاد الأوروبي كانت منحازة للكيان الظالم وليس للمظلوم صاحب الحق التاريخي ومخيبة لآمال شعوبهم، وكذلك تعامل هيئة الأمم المتحدة مع هذه الحرب لم تتجانس ردة فعلها مع قراراتها التي أقرتها خلال السبعون عام الماضين والتي نصت على حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة وتقرير مصيره في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على كامل أرضها التي احتلت من قبل الكيان الغاصب عام 1967م.
وبين ان هذه الردود غير المسؤولة من الجانب القانوني والإنساني هي عبارة عن رسالة واضحة لا لبس فيها موجهة للسلطة الفلسطينية أولًا وللدول العربية والإسلامية ثانيًا ولجميع الدول المناهضة للغطرسة والهيمنة الإمبريالية في العالم.
وقال ” لقد أصبح واضحًا وضوح الشمس وسط النهار بأن عائلات الأثرياء اليهود في جميع دول العالم هي القوة الخفية التي تحكم العالم من خلال الحركات والمنظمات السرية وإن القوى العظمى هي من يدير العالم بأوامر القوة الخفية من خلال المنظمات السياسية السرية والأندية والمنتديات الاقتصادية العلنية “.
واكد إن العالم مقسمًا إسميًا إلى دول لتسهيل عملية إدارته ، لافتاً الى ان الحقيقة تقول غير ذلك وتقول كذلك أن العدو اللدود للقوة الخفية في العالم وحلفائها الإمبرياليين هي القوميات العريقة والعظيمة المتبقية على هذا الكوكب حيث تمكنت القوة الخفية من تفتيت معظم القوميات حول العالم من خلال اتباع سياسات “فرق تسد” وإشعال الحروب الداخلية والإقليمية والعالمية بين الشعوب والأمم المناهضة لنهج القوة الخفية. ولم يبقى سوى أربعة قوميات تواجه تلك القوة حيث القومية الإسلافية في أوروبا الشرقية والتي تشمل الشعب الروسي وشعب روسيا البيضاء والشعب الصربي وغيرهم من شعوب أوروبا الشرقية.
وزاد الرقيبات إن جميع محاولات القوة الخفية الرامية إلى تفتيت هذه القومية باءت بالفشل منذ زمن بعيد، فعندما حاول الأثرياء اليهود الذين كانوا المحرك الرئيسي لجميع الحروب التي وقعت بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية العثمانية التي بلغ عددها ثلاثة عشر حربًا خلال الحقبة الزمنية منذ عام 1568 ولغاية 1823 والتي نتج عنها إضعاف الإمبراطوريتين وتلى ذلك إشغالهما بحروب مع الغير وبثورات داخلية أدت إلى سقوط كلتاهما حيث انهارت الإمبراطورية العثمانية بسبب الحرب العالمية الأولى وسقطت بالكامل عام 1922م.
وأضاف الرقيبات قامت الثورة البلشفية في روسيا القيصرية عام 1917م وكان معظم مهندسيها من الساسة والمفكرين اليهود مما أدى إلى انهيارها وتأسيس الاتحاد السوفييتي الذي كان شعاره المعلن “تحرير الشعوب والأمم حول العالم” ولكن الهدف الحقيقي الذي كان يكمن في عقول المشاركين اليهود هو تدمير الإمبراطورية الروسية. وقد سمعت شخصيًا في ثمانينات القرن الماضي من إحدى الشخصيات اليهودية في أوكرانيا عندما احتدَ النقاش بيننا حيث كان يهاجم الاتحاد السوفييتي وأنا أدافع عنه دفاعًا مستميتًا فختم هذا اليهودي النقاش قائلًا: “نحن من أسس الاتحاد السوفييتي ونحن المسؤولين عن تدميره”.
واكد إن هدف تقسيم روسيا أصبح جليًا من مساهمة بعض الأثرياء اليهود في تمويل الحروب في القوقاز واليوم هم من يقودوا بكل صراحة ووقاحة الحرب ضد الروس في أوكرانيا. لا بل وسيطروا على كامل مفاصل الدولة الأوكرانية وهم لا يمثلون نصف بالمئة من سكانها ورغم أن هذه الحرب كان يجب ألا تحصل كون الشعب الروسي وأغلبية الشعب الأوكراني من نفس القومية.
وأوضح إن العداء اليهودي للروس عداء تاريخي منذ عهد حكم بطرس الأكبر من عام 1675 وحتى 1725 فحين سؤل بطرس الأكبر عن قبول اليهود ودمجهم في روسيا القيصرية أجاب قائلًا: “أفضل أن أرى في ما بيننا أمم تعتنق المحمدية والوثنية بدلًا من رؤية اليهود فهم محتالون وغشاشون وأنا أسعى للقضاء على الشر وليس مضاعفته” وكذلك بعد تقسيم بولندا في القرن الثامن عشر وحازت روسيا القيصرية على أراض منها كان يقطنها عدد كبير من اليهود، حينها قررت كاترين الثانية عام 1772 عدم السماح لهؤلاء اليهود بالهجرة إلى الداخل الروسي وأجبرتهم على البقاء في تلك المناطق وفي عام 1791 قررت كاترين الثانية إضفاء الطابع الرسمي على مناطقهم بهدف تخليص موسكو منهم.
وقال الرقيبات يتضح مما حصل في ذاك الزمن وما شاهدناه في الأربعة عقود الماضية في روسيا الاتحادية والوطن العربي والعالم من قبل الحلفاء الصهيو أمريكي والصهيو أوروبي يتبين لنا أن هذا الحلف يسعى بقصارى جهده إلى إعادة تقسيم المقسم في الوطن العربي كما ويسعى إلى تقسيم روسيا الاتحادية وإن تم ذلك لا سمح الله سينفرد بالضغط على الصين لإضعاف تأثيرها في دول العالم وإن تمكنوا من تقسيمها لن يوفروا ذلك بهدف تحقيق الهيمنة الصهيوأمريكية على العالم أجمع أو على الجزء الأكبر والأهم منه.
وختم الرقيبات حديثه قائلاً : بناءً على ما تقدم إنني أرى أن الحرب التي تدور بين الكيان الصهيوني الغاصب والشعب الفلسطيني الأعزل قد تنتهي إما بسلام عادل وشامل قريب الأجل وهذا الاحتمال الأضعف بسبب عدم تكافؤ إمكانيات الطرفين وغياب وحدة الموقف العربي أو قد تكون بداية لحرب عالمية تستمر لثلاثة سنوات وتكون نتيجتها الحتمية زوال الكيان الغاصب إلى الأبد وانزواء أمريكا لمدة طويلة وبكلا الحالتين يتوجب علي أن أقدم النصح الصادق للدول العربية وقادتها أن يسعوا إلى توحيد الجهود والمواقف وتكثيف العمل الجاد مع القوميات المؤثرة في غرب آسيا (الشرق الأوسط) وتسريع تطوير العلاقات مع الدول القومية المناهضة لهيمنة الإمبريالية على العالم. اللهم اشهد إني بلغت وما على الرسول إلا البلاغ المبين وإن غدًا لناظره لقريب .
النائب الأسبق – السياسي الدكتور احمد الرقيبات .