المستقل – تعرض لجنة السينما في مؤسّسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء الموافق 26 تشرين الثاني، الفيلم الأردني “حكاية شرقية” للمخرج نجدة أنزور، وذلك في قاعة السينما بمقر المؤسسة بجبل عمان في تمام الساعة 6:30 مساءً.
و”حكاية شرقية”، هو فيلم أردني سينمائي، يتحدث بلغة السينما أي أنه يخاطب جمهور المشاهدين ويوصل فكرته عن طريق مختلف الوسائل البصرية والسمعية المتاحة، وهذا يعني أنه يتميز عن الأعمال الدرامية التلفزيونية وعن المسلسلات التي تعتمد على القصة التي تروى أساساً بواسطة الحوار وحده.
في “حكاية شرقية” كل صورة وكل صوت وكل تركيب مميز للصور فيما بينها وبين الأصوات التي ترافقها، يساهم في تعميق الحكاية وطرح الأفكار وإغناء المعاني والدلالات التي يريد المخرج إيصالها. يتضح هذا منذ اللقطات الأولى للفيلم والتي تظهر فيها أسماء المشاركين، ففي حين الصورة تعرض علينا الأسماء تباعا، فإن الصوت يدخلنا في عالم الفيلم ومغزاه، فهناك أستاذ الموسيقى الذي يعلم تلميذا كيف يعزف لحن “موطني”، ومقطع البداية هذا سرعان ما يتضح معناه العميق بالعلاقة مع المقطع الذي يسبق الإشارة مباشرة: جنود في خندق زمن حرب حزيران وسط أصوات القذائف، غير أنهم لا يحاربون، بل يضيعون الوقت بشكل عبثي فأحدهم ينحت تمثالاً من الطين لزميله، والثاني يلعب بالرصاص الفارغ.. الخ. هذه المقدمة الأولى للفيلم تفسر الازمة التي يعيشها بطل الفيلم الصحفي الشاب الذي عاصر النكسة وعاش بعدها مسكوناً بالهواجس والكوابيس التي تشكل الخط الثاني للفيلم إلى جانب الخط الأول الذي هو مجمل الأحداث التي يعيشها بطل الفيلم.
ويستند المخرج على هذه الكوابيس ليخلق لوحات بصرية مليئة بالرموز البصرية والسمعية وبعضها مستمد من صور الواقع المعاصر وتفاصيل الحياة اليومية، وبعضها من عالم الأحلام والخيال.
لا يمكن قراءة هذا الفيلم قراءة صحيحة إلا بالانتباه إلى البعد الثاني الذي يجاور القصة المروية ويضيف عليها ويقول ما تعجز عن قوله الحوارات والأحداث.
أسلوب فيلم “حكاية شرقية” يقوم إذن على الجمع بين المستويين الواقعي والرمزي، وهذا الأسلوب عكس نفسه على تركيب الشخصيات في الفيلم. فأبطال الفيلم يمثلون أشخاصاً من الواقع وهم في نفس الوقت نماذج وصور، فالبائع في متجر التحف الشرقية هو بائع عادي، لكنه أيضاً يعد نموذجا أعم لفكرة التجارة بما فيها من جشع وتحايل، وهذا الأمر ينطبق على بقية الشخصيات في الفيلم مهما كان دورها صغيراً.
ويجسد مصطفى باعتباره الشخصية الرئيسية للفيلم هذا التوازي بين المستويين الواقعي والرمزي، وعلى المستوى الرمزي فإنه يجسد شخصية الإنسان الذي أحبطته الهزائم المتتالية وحالات القمع المختلفة التي يعيشها الإنسان العربي، غير أنه يبقى المؤهل لقيادة المجتمع فيما لو اتيحت له الفرصة، غير أن الفرصة لا تتاح له أو على الأقل حتى النهاية.. وهذا ما ترمز إليه نهاية الفيلم، ففي حين يحقق مصطفى نصراً عظيماً عندما يتمكن من إنقاذ حافلة الركاب التي كان يسافر فيها مع زوجته، بعد أن أصيب سائق الحافلة (قائدها) العجوز بنوبة قلبية، فيحل محل السائق ويقود الحافلة بأمان، فإن من ينال المجد والشهرة ليس هو مصطفى بل صاحب الجريدة التي يعمل بها مصطفى والذي نشر بالحرف العريض عنواناً يقول “صحفي شاب يعمل محرراً في جريدة النصر يقوم بعمل بطولي” في حين يسمع الجمهور صاحب الجريدة وهو يدلي بتصريحاته لمندوبي الصحافة بينما لا يسمع أصوات ركاب الحافلة الذين يهنئون مصطفى على ما فعل.
عنوان الفيلم “حكاية شرقية” يوحي بالماضي غير أن الفيلم هو عن الحاضر لذلك فهو مليء بتفاصيل الحاضر، وحياتنا اليومية والماضي الموجود في الفيلم هو الماضي القريب والذي لا تزال آثاره تعكس نفسها بقوة على الحاضر، أنه الماضي الممتد من نكسة حزيران حتى حاضر الانتفاضة. يبدأ الفيلم بموسيقى “موطني”.. وينتهي بموسيقى “بلاد العرب أوطاني”، بين البداية والنهاية يحكي فيلم “حكاية شرقية” قصة المواطن العربي كاشفاً ما فيه من طاقات يحتاج إلى من يساعدها على الانطلاق.
يشار إلى أن الفيلم سيتم عرضه أيضا يوم الخميس المقبل الموافق 28 تشرين الثاني، الساعة 5:00 مساءً في قاعة السينما في فرع المؤسسة بالمقابلين.